بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 7 يناير 2021

مجالات الإرشاد النفسي المدرسي

 

مجالات الإرشاد النفسي المدرسي

 

مقدمة:

هناك العديد من مجالات الخدمة النفسية المتنوعة، فمنها إرشاد الأطفال، وإرشاد المراهقين، وإرشاد المسنين، والإرشاد العلاجي، والإرشاد الأسري، والإرشاد المهني، والإرشاد الزواجي، وإرشاد ذوي الاحتياجات الخاصة.. وغيرها من مجالات الإرشاد. وبما أن مجال اهتمامنا في هذا الكتاب هو التركيز على إرشاد تلاميذ المدارس من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية، فسوف نتخير من بين مجالات الإرشاد النفسي ما يفيد الإخصائي النفسي المدرسي داخل هذه المنظومة التعليمية.

 

أولا : إرشاد الأطفال :

يستهدف إرشاد الأطفال العمل على مساعدة الطفل في تحقيق النمو المتوازن المتكامل لجميع الجوانب النمائية (الجسمية، والعقلية، والاجتماعية، والانفعالية) ومساعدة الطفل على فهم ذاته فيما يتعلق بحاجاته وبمطالب البيئة من حوله، كما يهدف إلى مساعدته في القيام بالتوافق مع المواقف الجديدة، فالإرشاد النفسي للأطفال لا يتعلق فقط بعلاج موقف متأزم أو مواجهة مشكلة ما، بل يتعلق بمفهوم استمرار النمو وترابط مراحله.

ويجب أن تقدم خدمات إرشاد الأطفال في ضوء معرفة كاملة بخصائص ومعايير ومطالب النمو في مرحلة الطفولة مع مراعاة الفروق الفردية والفروق بين الجنسين.

خصائص مرحلة الطفولة :

من الناحية الجسمية يتسم النمو الجسمي في هذه المرحلة بزيادة الطول والحجم، والوزن، ويسير النمو العضلي بمعدل أسرع من ذي قبل وأهم ما يميز الطفل في هذه المرحلة قدرته على النشاط العضلي كالجري، والقفز والتسلق، ولكن عموما نجد أن الأطفال يميلون إلى النحافة مما يزيد قابليتهم للعدوى ببعض الأمراض نتيجة لنموهم السريع وتبدأ الأسنان اللبنية في السقوط لتحل محلها الأسنان الدائمة.

وفي منتصف المرحلة نجد أن معظم القدرات العقلية تبدأ في النضج من تذكر وتفكير وانتباه يتحول تدريجيا إلى الواقعية والنظرة العلمية للبيئة وتزداد قدرة الطفل على التعلم بالخبرة (المحاولة والخطأ) ويكتسب فكرة عن المسافة والحجم والشكل وتزداد رغبته في جمع الأشياء وحب الاستطلاع ونجد الذكاء ينمو حتى الثانية عشرة (أي في نهاية المرحلة).

وتتميز انفعالات الطفل في بداية المرحلة بأنها شديدة ومبالغ فيها فهو يحب بشدة، ويكره بشدة ويغضب بشدة.. بل يزداد التعبير عن الغضب مثلا عن أدنى إحباط يمكن مواجهته، ويلاحظ أن البنات أكثر خوفا من البنين، ولكنهم في نفس الوقت أقل عدوانية من البنين، وتنشأ في تلك المرحلة مشاعر الغيرة، وتبدأ مع نهاية المرحلة انفعالاته في الثبات والاستقرار والسيطرة على كثير من انفعالاته ويعمل على تجميع معظم انفعالاته حول موضوع معين لتكوين ما يسمى بالعواطف والعادات الانفعالية.

أما من الناحية الاجتماعية فإننا نجد مع بداية المرحلة أن سلوك الطفل يتأرجح ما بين الاستقلالية، والاعتمادية، وتتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الأسرة ومع جماعة الرفاق، وبذهاب الطفل إلى المدرسة تتاح له فرصة تحقيق المكانة الاجتماعية من خلال اللعب ويتسم سلوكه الاجتماعي بالانطلاق والرغبة في لقاء من هم في سنه، فهو لا يحب العزلة، ولكنه في الوقت نفسه لا يميل إلى الاختلاط بالجنس الآخر.

 

طبيعة واحتياجات الطفولة:

لقد أوضح ماهر عمر (1999) الحاجات التي ينبغي إشباعها في مرحلة الطفولة على النحو التالي:

أولاً : الحاجات العضوية Physical Needs  

من أهم الحاجات التي يريد طفل المرحلة الابتدائية إشباعها، هي الحاجات العضوية. تلك الحاجات التي تتعلق بالصحة العامة للطفل، نوعية غذائه، التوازن بين الأنشطة التي يمارسها والراحة التي يتطلبها جسمه وعقله، وأخيرا علامات الاستفهام والأسئلة الحائرة حول الجنس التي تشغل تفكيره طول فترة نموه، خلال هذه الفترة الدقيقة من عمره.

(1) الصحة العامة للطفل   General Health of the Child

لا يمكن لأحد أن ينكر أن العقل السليم في الجسم السليم، فإذا صح الجسم سلم العقل. لذلك فإن أي مرض يصيب الطفل يؤثر على تفكيره العقلي وإنجازه العضوي مما قد يتسبب في عرقلة تحصيله الدراسي. ولما كان طفل المرحلة الابتدائية أكثر عرضة من غيره للإصابة بالأمراض المعدية، التي تتناقل بين رفقاء عمره داخل المدرسة، ولما كان طفل المرحلة الابتدائية أقل خبرة من غيره في التعرف على بعض الأمراض التي قد تصيبه مثل ضعف البصر أو فقر الدم وما شابها، لذلك كان هذا الطفل في أشد الحاجة إلى من يساعده في التعرف على هذه الأمراض والتخلص منها. ومن ثم، كان على فريق التوجيه النفسي بالمدرسة العبء الأكبر في إشباع هذه الحاجة عند طفل الابتدائي أن فحص الطفل مرتين على الأقل خلال العام الدراسي يعتبر بمثابة صمام أمن لصحته العامة، إن هذه الفحوصات الدورية تساعد فريق التوجيه النفسي بالمدرسة في التعرف على سلوك الطفل بصفة عامة داخل المدرسة وفي البيت. ومن ناحية أخرى تتيح الفرصة لأولياء الأمور لبذل المزيد من الرعاية الصحية لأطفالهم ومتابعة حالاتهم العضوية وتقدمها.

(2) نوعية الغذاء Kind of Diet    

مما لا شك فيه، أن نوعية الغذاء وكميته التي يتناولها الطفل ترتبط ارتباطاً وثيقاَ بصحته العامة. فكثير من الأمراض التي يتعرض لها طفل الابتدائي تكون نتيجة لسوء التغذية إما لعدم تنوعها الغذائي أو لقلة كمياتها المتناولة. إن جسم الإنسان في حاجة إلى كميات متوازنة نوعا ما بين عناصر الغذاء الأساسية التي يحتاجها وهي: الكربوهيدرات ( نشويات وسكريات)، الدهون، البروتين، الفيتامينات، الأملاح، الماء. لذلك فإن أي خلل في هذا التوازن الغذائي يسبب أمراضاً للطفل ناتجة عن سوء التغذية. يجب على الإخصائي النفسي المدرسي بالتعاون مع بقية أعضاء فريق التوجيه التعرف على حاجات الطفل المتعلقة بالتغذية والمشكلات الناتجة عنها.

 (3) التوازن بين النشاط والراحة Balance of Activity & Rest   بالرغم أن الأنشطة التي يمارسها الطفل داخل المدرسة تعتبر جزءاً أساسياً، ومكملاً للمنهج الدراسي في المرحلة الابتدائية، إلا أننا يجب ألا نغالي في الأنشطة التي ترهق الطفل وتستنفذ جهده مما يتسبب في قصوره وعجزه عن التحصيل الدراسي بشكل عام فتكون نتائجها عكسية لما هو متوقع منها، ومن ثم، على الإخصائي النفسي المدرسي مع فريق التوجيه أن يراعوا التخطيط السليم للأنشطة التي يكلف الطفل بممارستها داخل المدرسة. فلا يحملونه أكثر من طاقاته، ولا يطالبونه بأكثر مما يستطيع، مع مراعاة توفير الوقت اللازم لراحته العضوية والعقلية خلال مزاولته لهذه الأنشطة داخل المدرسة.

ثانياً : تقبل الذات والتقبل من الآخرين

        Self - Acceptance & Acceptance from Others

إن طفل المرحلة الابتدائية كعضو جديد في المجتمع المدرسي، يحاول أن يختبر ذاته مرة أخرى بين أقران عمره وفي محيط البالغين والراشدين من المدرسين وهيئة موظفي المدرسة، وتدور في ذهنه تساؤلات ملحة يحاول أن يختبر الإجابة عليها خلال علاقاته وتفاعلاتهم معهم بالمدرسة: هل سيلقى الحب والتقبل والفهم منهم أم سيصدم بالعكس ؟ هل خبراته المدرسية ستتشابه مع خبراته المنزلية أم ستختلف عنها ! هل ستكون أفضل أم أسوأ منها ؟ ويشعر الطفل بخيبة أمل في مجتمعه المدرسي إذا شعر أو على الأقل إذا ظن أن أحدا لم يفهمه ولم يتقبله في المدرسة وبأنه غير محبوب فيها ؟ أو إذا وجد خبراته المدرسية أسوأ من خبراته المنزلية. فإذا فشل المدرسون وهيئة موظفي المدرسة في تصحيح اتجاهات نحوها ونحو علاقاتهم به، فإن هذا الفشل ينعكس على سلوكه الشخصي والاجتماعي والتربوي بصفة عامة داخل المدرسة وخارجها.

وعلى الإخصائي النفسي بالتعاون مع أعضاء فريق التوجيه بالمدرسة مساعدة الطفل على تقبل ذاته كما هي وزيادة إحساسه بتقبل الآخرين له، باذلين جهدهم لمساعدته في تدعيم موطن القوة في شخصيته وليتغلب على نقاط الضعف فيها ، وذلك خلال البرامج المخططة للأنشطة المدرسية التي يشجع الطفل على الاشتراك والانتظام فيها .

إن العمل الجماعي داخل المدرسة الابتدائية يدعم إحساس الطفل بتقبله لذاته وتقبله من الآخرين، ويساعده على تقبل نقاط ضعفه ومحاولة التغلب عليها ومواطن قوته ومحاولة تدعيمها، وينمي عنده القدرة على التفاعل الدينامي Dynamic Interaction بينه وبين أقرانه ومدرسية، ويطور العلاقات الاجتماعية بينه وبين الآخرين، يتيح الفرصة له للتفكير الابتكاري والتعبير الحر عن آرائه، يعوده على الاعتماد على النفس والاستقلالية، يمكنه من التعرف على قدراته وإمكاناته، يصحح أفكار واتجاهاته ويدعم الثقة في نفسه كعضو في جماعة لا تستغني عن وجوده فيها.

 

ثالثاً : التعامل مع الخوف والشعور بالذنب :

Dealing With Fear and Guilt Feeling                       

في بعض الأحيان يشعر الطفل بالخوف عندما يستمع إلى خبرات مخيفة يحكيها الآخرون، أو عندما يضع نفسه في المواقف المحركة التي لم يكن مستعداً لمواجهتها. والشعور بالذنب يصاحب المواقف التي يسبب فيها إحراجاً للآخرين ولم تلق قبولا منهم ولا رضا عنها، والتي يؤنب ويلام عليها، والتي يشعر بالخجل منها.

لذلك يجب على الكبار في البيت والمدرسة مساعدة الطفل على تجنب الشعور بالخوف والتغلب على الشعور بالذنب، ولكن العقاب واللوم في أضيق الحدود وليكن التأنيب والتوبيخ على الأخطاء المقصودة والمتكررة لأكثر من مرة وليس على تلك التي تصدر عنه عفوياً أو لأول مرة.

 

رابعاً :التعامل مع الواقع Dealiny With Reality      :

إن عالم الخيال World of Fantasy الذي يعيش فيه الطفل يشعره بالآمن والسعادة أكثر مما يحس به في عالم الواقع World of reality ويجب أن تفرق بين أحلام اليقظة التي يهرب بها الطفل من مشكلات عدم توافقة مع الواقع وبين أحلام المستقبل Feature dream التي يتطلع بها الطفل إلى ما يجب أن يكون عليه من نجاح في الدراسة والعمل والحياة الاجتماعية عندما يدخل عالم الكبار. الطفل العادي يمكنه أن يميز بين الواقع وأحلام المستقبل؛ بينما الطفل الذي يعاني من عدم توافق مع الواقع يخلط بينه وبين أحلام اليقظة التي يعيش فيها.

ويتحمل أهل البيت والعاملون في المدرسة مسؤولية مساعدة الطفل على التكيف السليم والتوافق السوي مع الواقع في حياته، وذلك بمساعدته على تحديد مشكلاته التي دفعت به إلى أحلام اليقظة، ووضع البدائل والخيار لحلها، واختيار الأنسب منها للتغلب عليها، واتخاذ الخطوات الإيجابية نحو التخلص منها؛ كما يجب مساعدته على التميز بين الخيال والواقع خطوة بخطوة خلال مراحل نموه اليومي بدون حدوث أي إحراج أو إحباط له، وذلك خلال مناقشته بجدية فيما يرويه من قصص خيالية وتوضيح الصورة أمامة بين لا معقولية ما يرويه وواقعية ما يجب أن يكون عليه.

 

خامساً : التعرف على المسئولية تجاه الآخرين

Recognition of Responsibilities toward Others              يحتاج طفل المرحلة الابتدائية إلى أن يتعرف على حدوده ومسئولياته نحو الآخرين، نحو آبائه وبقية أفراد الأسرة التي تعيش في كنفها، نحو أصدقائه ومدرسية وبقية أفراد هيئة موظفي المدرسة التي يتلقى العلم فيها. في كل موقف جديد يمر به الطفل نجده في حاجة لاختبار ما هو متوقع منه أن ينجزه، وقد يلجأ إلى المحاولة والخطأ في اكتشاف توقعات الآخرين منه ومسئولياته نحوهم. ويمكن للطفل أن يتعرف على حدوده ومسئولياته خلال تفاعلاته اليومية في البيت وداخل المدرسة خلال التوجيهات الرشيدة ممن يحيط به في كل منهما، حتى يتمكن من القيام بأدواره فيهما دون المساس بمشاعر الغير أو التجريح في شخصياتهم. لذلك يتحمل الكبار في البيت والمدرسة مسئولية مساعدة الطفل في إتباع الاتجاه الصحيح نحو الآخرين فيحبهم كما يجب نفسه، ويتعامل معهم بالاحترام والتقدير،ولا يفضل نفسه عليهم وألا يكون تابعاً لهم.

 

مشكلات الطفولة :

هناك عدد من المشكلات التي تتميز بها مرحلة الطفولة دون غيرها من المراحل الأخرى ومشكلات أخرى تشترك فيها مع المشكلات التي تظهر في مرحلة المراهقة ومن بين تلك المشكلات ما يلي:

Û     اضطرابات النوم: ومنها الأرق، والكوابيس، وإفراط النوم والمشي أثناء النوم، والكلام أثناء النوم، وقرض الأسنان أثناء النوم، والرعب الليلي (الفزع أثناء النوم)، وتقلص العضلات أثناء النوم، والبلع غير السلس أثناء النوم.

Û     اضطرابات التغذية: فقدان الشهية، والإفراط في الأكل (الشره)، وفساد الشهية (أكل مواد غير صالحة)، والقيء، واضطراب الاجترار (البطء) في الأكل.

Û     اضطرابات الكلام: الثأثأة، والخنف، والبكم المتعمد، والتهتهة، اللثغة، وعسر اللسان، والبكم الهستيري، واضطراب الكلام الذهاني.

Û     اضطرابات الإخراج: التبول اللاإرادي أثناء الليل أو النهار، والتغوط اللاإرادي، والإمساك أو الإسهال، ومشكلات التدريب المبكر على الإخراج.

Û     مص الأصابع: مص الإبهام، ومص السبابة، والمص الدائم للأصابع، والمص المؤقت.

Û     قضم الأظافر: ومنها قضم أظافر الأيدي، وقضم أظافر الأرجل، وقضم أظافر الغير.

Û     اضطرابات سلوكية: ومنها الكذب، والسرقة، والتخريب، والعناد، والهروب، والسلوك العدواني.. وغيرها.

Û       اضطرابات انفعالية: ومنها الخوف بأنواعه، والخجل، والبكاء المستمر.. وغيرها.

 

دور الإخصائي النفسي في إرشاد الأطفال:

يلعب الإخصائي النفسي دورا حيويا في إرشاد الأطفال والذي عادة ما يلازمه إرشاد الوالدين لتعريفهم بالخصائص النمائية للطفل وطبيعة المشكلات التي قد تواجهه حتى يمكنهم التمييز ما بين السواء و اللاسواء في سلوك أطفالهم، فقد يكون شكوى الوالدين حيال سلوك ما يعتبر عادياً بالنسبة لمرحلة النمو التي يمر بها الطفل، ولذا تستمد العلاقة الإرشادية مع الأطفال من الخصائص النمائية للطفل وحاجاته، وذلك على النحو التالي:

(1)    يشبع الطفل حاجاته من خلال الاعتمادية الكلية على الأم، ثم يبدأ في التحرر والاستقلال فتتحول الاعتمادية الكلية إلى اعتمادية جزئية حتى يصل إلى الاستقلال الذاتي وتحمل المسئولية، ومع تطور الاستقلال الذاتي يدرك الطفل أن الآخرين كأفراد منفصلين، ولهم حقوق خاصة مثله تماماً، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس دون عدوان أو منافسة غير مقبولة، وينظر الإخصائي النفسي إلى هذا التحول على أنه علامة من علامات نضج الطفل.

(2)    من الحاجات الأساسية للطفل، حاجته إلى أن يحب كشخص، وإذا كان الطفل يقبل دون شروط في السنوات الأولى، أي يقبل كما هو عليه حتى ولو كان يعاني من أمراض أو قصور، إلا أن هذا القبول (غير المشروط) ينخفض تدريجيا عندما يبدأ الوالدان أو المعلم في وضع تصور لما ينبغي أن يكون عليه الطفل، ومن خلال المقابلة يشبع الإخصائي النفسي هذه الحاجة ويؤكد عليها عندما يتقبل الطفل بما هو عليه وليس ما ينبغي أن يكون عليه.

(3)    من الحاجات الأساسية للطفل حاجته إلى الأمن والطمأنينة، وإذا كان الوالدان يشبعان هذه الحاجة في السنوات الأولى: فإن هذا الإشباع ينخفض تدريجيا نتيجة استقلال الطفل وانصراف الوالدين عنه، ولذلك فإن الطفل يكون في حاجة إلى الشعور بالأمن مرة ثانية، ويستطيع الإخصائي النفسي إشباع هذه الحاجة من خلال المقابلة الإرشادية.

(4)    يتعامل الطفل مع بيئته في السنوات الأولى على أنها كاملة ومثالية، ومع تقدم الطفل يجد نفسه في حيرة وصراع بين ضرورة الحياة مع الواقع والتمسك بالكمال والمثالية، ويستطيع الإخصائي النفسي أثناء المقابلة مساعدة الطفل على التعامل مع الواقع تدريجيا.

(5)    يسعى الطفل إلى كسب حب الآخرين أو تجنب كره الآخرين، وفي سبيل ذلك قد يلجأ إلى التظاهر بما ليس هو عليه، كأن يظهر الحب إلى أخيه دون أن يكون كذلك بالفعل، وقد يلجأ إلى إنكار ما هو عليه مثل إنكاره لكره أخيه، في هذه الحالة يكون دور الإخصائي النفسي أثناء المقابلة هو الكشف عن مثل هذه الميكانيزمات والتبكير في إيجاد حلول لها، لأن إهمالها يؤدي إلى العصاب فيما بعد.

(6)    قد يوجد نقص في معارف وخبرات الطفل، وفي هذه الحالة يكون من الصعب على الطفل التمييز بين الحاجات الإيجابية مثل: الانتماء والارتباط والحب، وأنماط سلوكية وانفعالية أخرى مثل النرجسية والغيرة والعدوان، دور الإخصائي النفسي في هذه الحالة يتضح في مساعدة الطفل على التمييز بين هذه الحاجات والسلوكيات والانفعالات، والتأكيد على أن الاتزان الانفعالي يتحقق عندما يتم إشباع الحاجات الإيجابية.

(7)    قد تكون الأعراض الدالة على المشكلة أو الاضطراب هي مجرد وسائل عادية يحتج بها الطفل على موقف ما أو تصرف ما من قبل الآخرين، ودور الإخصائي النفسي في هذه الحالة حل هذه المشكلات في ضوء العلاقة الدافئة والمعاملة الهادئة التي بينه وبين الطفل، على أن يكون التركيز على تغيير الموقف أو تعديل السلوك بجانب التركيز على الطفل نفسه.

(8)    قد تكون حالات عدم التوافق لدى الطفل ناتجة عن الضغوط و الاحباطات، سواءً كان مصدرها الطفل نفسه أو البيئة الخارجية، ودور الإخصائي النفسي في هذه الحالة هو التخفيف من أثر هذه الضغوط و الاحباطات بإزالة الأسباب أو تدريب الطفل على مواجهتها أو تبسيطها أو التفكير في حلها، مع الوضع في الاعتبار أنه من الصعب إزالة كل الأسباب، كما أن الطفل قد يرى شيئا بأنه محبط لأنه يتعارض مع رغباته وتخيلاته وتوقعاته في حين يراه الآخرون عادياً مرتبطاً بظروف النمو أو الموقف، في هذه الحالة نؤكد على أنه بقدر وجود فجوة واسعة بين تخيل الطفل للواقع والواقع الفعلي، تكون الضغوط و الاحباطات أكثر شدة وتزداد الصراعات و الاضطرابات وينحرف نمو الطفل ويزداد سوء التوافق.(محمد سعفان،2001)

 

ثانيـا : إرشاد المراهقين :

إذا كانت الحاجة للإرشاد النفسي تزداد في فترات الانتقال والنمو السريع وزيادة التوقعات الاجتماعية ومطالب النمو فإن المراهقة هي المرحلة التي ينبغي أن تكثف فيها الخدمات الإرشادية نظرا لكثرة ما يمر به الفرد من تغييرات في جميع مجالات نموه، ولزيادة إلحاح كل من المطالب النفسية والتوقعات الاجتماعية.

 

خصائص مرحلة المراهقة:

يعتبر النمو الجنسي من الملامح النمائية البارزة والواضحة في مرحلة المراهقة وعلامة على الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، ويتلخص أهم ما يحدث من نمو جنسي في نضج الغدد التناسلية، أي أن تصبح قادرة على أداء وظيفتها في التناسل وإفراز الهرمونات وما يترتب على ذلك من ظهور العلامات الجسمية الدالة على البلوغ، وينتقل المراهق من الجنسية المثلية إلى الجنسية الغيرية وتظهر الكثير من الاهتمامات الجنسية في هذه المرحلة بموضوعات الجنس وقصصه ورسومه وصوره.

وتكتمل في هذه المرحلة الوظائف العقلية العليا، كما تظهر القدرات الخاصة كالقدرة اللغوية والرياضية والفنية.. وغيرها، كما تزداد سرعة التحصيل ونمو التذكر معتمدا على الفهم واستنتاج العلاقات وتزداد القدرة على التخيل المجرد والقدرة على التفكير والاستدلال وحل المشكلات والتحليل و التركيب وتنمو أيضا القدرة على التفكير النقدي والتجريدي.

أما من الناحية الانفعالية فتتصف انفعالات المراهق بالعنف بصورة لا تتناسب مع مثيراتها ولا يستطيع التحكم فيها، كما نلاحظ عدم الثبات والاتزان الانفعالي والخجل والميول الانطوائية والتمركز حول الذات وحب التفرد ومشاعر الذنب وانتشار المخاوف المرضية وأشهرها المخاوف الجنسية والاجتماعية، وتدفعه تلك الانفعالات إلى اللجوء لأسلوب من الأساليب اللاتوافقية للتخلص من التوتر الذي يعاني منه ومن بينها أحلام اليقظة والتقمص والنشاط الزائد والانعزال والمبالغة في المثالية.

وفيما يتعلق بالخصائص الاجتماعية للمراهق نجد الصراع الذي يحدث بينه وبين أشكال السلطة فيصبح في حاجة شديدة للانتماء وإلى جماعة الرفاق ويصبح لهذه الجماعة وزن في التأثير على سلوكه ويظهر أيضا في هذه المرحلة الاهتمام بالمظهر الشخصي، وينمو الوعي الاجتماعي وتحمل المسئولية الاجتماعية ويلاحظ أيضا التذبذب بين الأنانية والغيرة، والميل إلى الزعامة، كما أنه يحاول تأكيد مكانته بمنافسة زملائه في ألعابهم وتحصيلهم ونشاطهم.

 

أهم مشكلات مرحلة المراهقة :

 ïالمشكلات الانفعالية :

 ومنها الشعور بالقلق، ونقص الثقة بالنفس، والجناح، والسلوك العدواني، والغضب، والعصيان، والتمرد، والخجل، والانطواء، والاغتراب، وعدم القدرة على تحديد المسئولية، وعدم القدرة على السيطرة على الانفعالات والمخاوف المرضية (كالمخاوف المـدرسية، والاجتماعية، والجنسية، والصحية) والتناقض الوجداني.

 

ï المشكلات الصحية :

 ومنها ظهور بثور الشباب، ونقص الوزن أو زيادته، واضطراب النوم، وعدم الوعي بمقدار ونوع الغذاء الصحي، ونقص الرعاية الصحية، نقص الشهية العصبي، أو الشرة العصبي.

 

ï المشكلات المدرسية :

 ومنها عدم القدرة على تنظيم وتخطيط الاستذكار، والتسيب وعدم الانضباط، وعدم الرغبة في الانخراط في النظام المدرسي، وعدم تناسب المناهج مع اهتماماتهم، وعدم احترام المدرسين، وإثارة الشغب في الفصل وكثرة التهريج، السخرية من الزملاء وعدم احترامهم، وطول اليوم الدراسي، وعدم الميل إلى مادة دراسية أو أكثر، وعدم التركيز في الفصل، التأخر الدراسي، والهروب من المدرسة، وعدم الخضوع لأوامر المدرسين، وعدم الاهتمام بأداء الواجبات المدرسية، والتأخر عن المدرسة.

 

ï المشكلات الاجتماعية :

 ومنها عدم الإلمام بالمعايير الاجتماعية، ومسايرة أصدقاء السوء، التمرد على السلطة، وقلة عدد الأصدقاء أو وعدم القدرة على تكوين صداقات جديدة، ونقص الخبرة في الاحتكاك الاجتماعي والمواقف الاجتماعية، والعزلة الاجتماعية، والبعد عن الزعامة.

 

 ïالمشكلات الأسرية :

ومنها المبالغة في فرض القيود، وعدم الصراحة والحرية في المناقشات، ونقص الخصوصية في الأسرة، والعلاقات السيئة بين الأخوة، نقص المصروف، وعدم سواء العلاقة بين المراهق والوالدين، عدم الحرية في عمل الصداقات، وقد تكون المشكلات الأسرية بسبب وفاة أحد الوالدين أو الانفصال أو الترمل أو زواج أحدهما أو كليهما.

 

ïالمشكلات الدينية :

 ومنها عدم التوازن بين التزمت والتحرر، والتعصب الديني، وتأنيب الضمير الزائد، ونقص المعلومات الدينية فيما يتعلق بالحلال والحرام، والشك الديني، وعدم إقامة الفرائض والشعائر الدينية.

 

ïالمشكلات المهنية :

ومنها نقص التأهيل والتدريب المهني، ونقص الخبرة بميادين العمل المتاحة، وعدم معرفة أماكن التأهيل والتدريب المهني، وعدم الربط يبن الميول المهنية والمهنة التي يشغلها .

أهمية الإرشاد في المدرسة المتوسطة والثانوية :

تتسم مرحلة المراهقة وهي المرحلة المتوسطة من المراحل الدراسية فيما يذكر( محمد منصور وفاروق عبد السلام، 1980)  بالأتي:

þ     التحول من خطوط الجسم قليلة الشبه بالكبار إلى خطوط الجسم والقوام المشابه للكبار.

þ     التحول من فترة تتميز بكثرة الميول المتغيرة إلى ميول مستقرة وقليلة العدد إلا أنها ذات معنى.

þ     التحول من فترة يقل فيها الاهتمام بمعايير الرفاق ومكانته بينهم إلى فترة تتميز بالاهتمام الكبير بالرفاق ومعاييرهم وبالمكانة التي يطمح فيها بينهم.

þ     التحول من فترة يندمج فيها في أي نشاط للنشاط ذاته إلى فترة يتحول فيها السلوك ويقترب من سلوك البالغين.

þ     التحول من فترة يكون فيها كل النشاط الاجتماعي بصورة غير رسمية ولا يخضع لآداب السلوك إلى فترة يكون فيها النشاط الاجتماعي اختياري وخاضع للعرف وآداب السلوك.

þ     التحول من فترة تتسم بالصداقات المؤقتة قصيرة الأمد إلى فترة تتسم بصداقات مستمرة وقوية.

þ     كما تتضمن المراهقة البحث عن الاستقلال الوجداني والاجتماعي والاقتصادي حيث يستخدم المراهق إمكاناته بصورة أكثر نضجاً وعلى مستوى أكثر تعقيداً ليعطي كما يأخذ ، وليقيم علاقات مع الآخرين ويثق فيهم ويتعلم ما ينفعه وما يضره .

þ     ويمتاز المراهق بميزة تعتبر من أكثر خصائصه وضوحاً في المراهقة المبكرة وهي التمزق وعلى الأخص في نظر الكبار الذين يركزون على مقاومته لسلطتهم ونقده لهم وحساسيته الزائدة لآرائهم المتعلقة بنومه وخروجه ونوعية أصدقائه. ومن علامات التمزق أيضاً أنانية المراهق الطفلية وحبه لذاته بغض النظر عما يسبب للكبار من مضايقات.

þ     ويبدو على المراهق في هذه المرحلة أيضاً حب استطلاع زائد نحو نفسه ونحو بيئته فيقوم بالعديد من التجارب للكشف عن قدراته ونواحي قوته، وتكثير أسئلته التي يستفسر فيها عن الواقع وعن المثالية التي يتعلمها، وتكثر تبريراته للمواقف التي يشعر أنها غير ملائمة محاولاً بذلك النجاح.

þ     يهتم المراهق كثيراً بالتوافق للتغيرات الجسيمة السريعة، فيتخذ وضعاً جسيماً معيناً ليخفي ما يعتقد أنه عيب فيه، ويفرط أحياناً في الأكل ليعوض النقص في وزنه والناتج عن سرعة النمو، أو عن طريق رد الفعل الانفعالي للارتباك الناتج عن التغيرات الجسمية المفاجئة غير المناسبة.

þ     تظهر في هذه المرحلة للمراهق اهتمامات مهنية في محاولة منه للاستقلال، كما تظهر لدية اهتمامات باختيار ملابسة وأصدقائه بنفسه دون تدخل من والدية، كما تدفعة رغبته في الاستقلال إلى زيادة معارفه عن قدراته وميوله ومعلوماته.

þ     يراجع المراهق قيمة التي اكتسبها في مرحلة الطفولة ويبدأ بالبحث عن قيم جديدة، وقد يناصب الشخص الذي كان يحترمه في طفولته العداء، ويهتم كثيراً بالصواب والخطأ، ويدافع بقوة عن قيم رفاقه الذين ينتمي إليهم .

وتشير نتائج بعض الدراسات إلى أن المراهقين الذكور يهتمون بشكل كبير بالآتي:قصر القامة والسمنة، وضعف البنية، وضعف القوة الجسمية، والشكل غير الطبيعي للوجه، والنمو غير الطبيعي في منطقة الحلمات، وحب الشباب، ونمش الوجه واليدين.

أما البنات فتدور اهتماماتهن حول ما يلي:الطول الزائد والسمنة وشكل الوجه، والمظهر الجسمي العام، والنحافة، وصغر الثديين وحب الشباب، والشعر وضخامة الفخذين.

وإضافة إلى ذلك يعتبر المراهقين من الجنسين أن للمشاكل الاجتماعية والوجدانية والصداقات والعلاقة مع الوالدين والأشقاء والمشكلات التحصيلية والعلاقة مع المدرسين وتنظيم الوقت من المشكلات الملحة أيضاً.

ومن هنا تبدو أهمية إرشاد المراهقين في النقاط التالية:

r  الحاجة إلى الإرشاد العلاجي :

يكاد يكون الإرشاد في المدرسة المتوسطة والثانوية في الوقت الحاضر في معظمة إرشاداً علاجياً. فهو يقدم للطالب الذي يفشل في فصلة خدمة علاجية من خلال محاولة الإخصائي بحث الأمر معه ومحاولة فهم ما إذا كان فشله يرجع إلى تقصيره، أم راجع لخصائصه الشخصية أم للفصل الذي يدرس فيه أم لأسباب أخرى، يقدم الإخصائي أيضاً خدمات علاجية لأولئك الطلاب الذين يجدون صعوبة كبيرة في اتصالهم بأندادهم أو بعائلاتهم بقصد تحقيق إصلاح أفضل لأوضاعهم. ويقترح المنظرون في الإرشاد أن برامج الإرشاد التي تنظم إما لمنع القصور أو لمساعدة الفرد في مجال نموه العادي أن تكون برامج علاجية.

r  الحاجة إلى الإرشاد الوقائي :

إن الحاجة إلى الإرشاد حاجة عامة، وهذه الحاجة ليست مقتصرة على فترة الطفولة والشباب، بل الحاجة إليها موجودة في كل مرحلة من مراحل العمر، حيث يحتاج الفرد إلى المساعدة في الاختيار أو التنظيم أو حل المشكلة. وهذه الحقيقة ظاهرة في المجهودات المتزايدة التي تثبت حاجة المسنين الذين تقاعدوا أو الذين هم على وشك التقاعد وكذا المعوقين من جميع الأعمار إلى هذا النوع من المساعدة. إن الإرشاد يجب أن يكون في تقدم مستمر على مدى الحياة لهؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة.

ومن الواضح على كل حال أن أهم وأكثر فترة لها تأثيرها وحاجتها الشديد للمساعدة في الفترة التي تتشكل فيها العادات والاتجاهات والمثل العليا، وحتى يتطور أسلوب المساعدة الذاتية، فإن إعطاء الإرشاد في هذه الفترة سوف يقلل إلى حد كبير الحاجة إلى المساعدة فيما بعد، وسيزيد من القدرة على اختيار المهنة والنشاطات المدنية والاجتماعية بحكمة في حياة الشباب. فالإرشاد الوقائي في المدارس المتوسطة والثانوية يقلل الحاجة للإرشاد العلاجي فيما بعد.(فاروق عبد السلام وآخرون، 1997 ).

 

دور الإخصائي النفسي المدرسي في إرشاد المراهقين :

غالبا ما يتشكك المراهق عند الدخول في علاقات جديدة مع الآخرين أو عند طلب الدعم العاطفي والانفعالي من أحد، لذا يجد المراهق صعوبة كبيرة في الوثوق بالإخصائي النفسي وخاصة إذا ما أجبر على التوجه إليه من قبل الوالدين أو إدارة المدرسة وذلك بسبب ما يتعرض له المراهق من اللوم والتوبيخ لما يعترضهم من مشكلات سواء كان ذلك في محيط الأسرة أو المدرسة أو المجتمع بشكل عام، ولذلك نجدهم يترددون في طلب الخدمات النفسية من تلقاء أنفسهم ولذا يتعاظم دور الإخصائي النفسي في التعامل مع المراهقين حتى يستطيعون الوثوق به، ولذلك فقد حددت ممدوحة سلامة (1992) عدد من المهام التي يكلف بها الإخصائي النفسي المدرسي عند تعامله مع الطلاب في مرحلة المراهقة، وهي:

(1)    المهمة الرئيسية أمام الإخصائي النفسي هي المحافظة على إقامة علاقات مهنية مع الطلاب تختلف عن علاقتهم بأولياء أمورهم، ورموز السلطة في حياتهم، ومنذ بداية هذه العلاقة ينبغي أن يوضح الإخصائي النفسي دوره بدقة مع إيضاح الدور الذي يمكنه تقديمه وكيف يحافظ على خصوصية وسرية المقابلات وما يدور فيها.

(2)    ينبغي أن يقوم الإخصائي النفسي منذ اللحظة الأولى في علاقته بالطالب بإقناعه بأنه ليس عضوا في مؤامرة يحيكها الكبار له وأنه ليس متحالفاً مع الوالدين أو سلطات المدرسة ضده وأنه يعمل لصالحه.

(3)    ينبغي أن يكون الإخصائي النفسي صريحاً، بسيطاً دون التقليل من شأن مؤهلاته ودون التفاخر العلمي والمهني، فالمراهق لديه القدرة على التقاط التصنع والادعاء العلمي.

(4)    كثيرا ما يؤدي دخول الإخصائي النفسي في مناقشة تلقائية حرة مع الطالب إلى شعور الطالب باحترام الإخصائي النفسي له مما ينعكس بدوره على زيادة ثقته بنفسه وبقدرته على تناول المشكلات وتقرير المصير، هذا علاوة على ما يتبعه النقاش من خفض للتوتر بطريقة بناءة.

(5)    ضرورة تحديد وفرض حدود معينة، فكثيرا ما يفسر المراهق عدم فرض ضوابط أو حدود معينة على سلوكه على أنه إما عدم اهتمام أو عدم فهم من جانب الإخصائي النفسي لذلك ينبغي أن يكون الإخصائي النفسي قادرا على فرض ضوابط - عند الضرورة - دون أن يحمل ذلك مشاعر كراهية أو عداء.

(6)    ينبغي أن يأخذ الإخصائي النفسي في الاعتبار أن تحقيق الاستقلال هو من أهم مطالب النمو في هذه المرحلة، لذا فعليه أيضا أن يعي خطورة تشجيع اعتمادية المراهق بل على العكس لابد من توفير خبرات تؤدي إلى الاستقلال والاعتماد على النفس.

ثالثـا : إرشاد ذوي الحاجات الخاصة :

قد يعتقد البعض أن التربية الخاصة تضم فئات ذوي الإعاقة العقلية والبصرية والحسية والجسدية فقط، ولكن الحقيقة أن هناك فئات أخرى تقع تحت مظلة التربية الخاصة منها المتفوقين وذوي صعوبات التعلم والمصابين بأمراض الكلام والتوحد والاضطرابات السلوكية، وانطلاقا من المبدأ القائل بأن الحياة الطبيعية حق كل إنسان، وأي فرد سواء كان عاديا أو ذا إعاقة فإن لديه قدراته الخاصة واستعداداته الكامنة وإمكاناته التي يستطيع استثمارها على أفضل وجه ممكن إذا خضع هذا الفرد للرعاية التربوية والاجتماعية والنفسية.

حيث يرى أصحاب الدخل التنموي أن ذوي الإعاقة كأفراد يمكن استشارة قدراتهم الكامنة وطاقاتهم الخلاقة ليحققوا درجة مناسبة من فهم النفس وتحقيق الذات، وكذلك فهم الآخرين والتفاعل معهم، والإحساس بالمواقف الاجتماعية المختلفة، كما أنه من الضروري تحرير الفرد ذي الإعاقة من مشاعره التي تعوق أداءه الاجتماعي كالشعور بالنقص والخوف والقلق والنقمة على المجتمع، وفي نفس الموقف تنمية المظاهر السلوكية الإيجابية لديه.

ومن هنا تبرز أهمية الإرشاد النفسي للأفراد ذوي الحاجات الخاصة لتنمية مهاراتهم الاجتماعية في التعامل مع مشكلاتهم السلوكية وأزماتهم النفسية حتى تساعدهم على النمو والوصول إلى أقصى مدى تؤهله له قدراته وإمكاناته.

وفيما يلي عرض لخصائص بعض فئات ذوي الإعاقة، ودور الإخصائي النفسي المدرسي في تقديم الخدمة النفسية المناسبة لهم:

 

(1)إرشاد ذوي صعوبات التعلم:

يطلق عليهم أحيانا الفئة الحدية وهم أقرب إلى العاديين من حيث القدرة على المواءمة إلا أن قدراتهم على التعليم محدودة.

ويعرف ذوو صعوبات التعلم بأنهم " أولئك الذين يظهرون اضطرابات في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية التي تتضمن فهم واستعمال اللغة المكتوبة أو اللغة المنطوقة والتي تبدو في اضطرابات السمع والتفكير والكلام، والقراءة والتهجئة والحساب والتي تعود إلى أسباب تتعلق بإصابات الدماغ البسيطة والوظيفية ولكنها لا تعود إلى أسباب تتعلق بالإعاقة العقلية أو السمعية أو البصرية أو غيرها من الإعاقات ".

وهناك نوعان من صعوبات التعلم، هما:

1- صعوبات التعلم النمائية: Developmental Learning Disabilities

وهي الصعوبات التي تتعلق بالوظائف الدماغية، وبالعمليات العقلية والمعرفية التي يحتاجها الطفل في تحصيله الأكاديمي ويرى بعض العلماء أنها ترجع إلى اضطرابات وظيفية تخص الجهاز العصبي المركزي،وأن هذه الصعوبات يمكن أن تقسم إلى نوعين فرعيين، وهما:

أ   ـ  صعوبات أولية: مثل الانتباه، والإدراك، والذاكرة.

ب ـ صعوبات ثانوية: مثل التفكير، والكلام، والفهم واللغة الشفوية.

وتوجد صعوبات التعلم النمائية في ثلاثة مجالات أساسية هي:

² النمو اللغوي.

²النمو المعرفي.

² نمو المهارات البصرية الحركية.

2- صعوبات التعلم الأكاديمية: Academic Learning Disabilities

وهي تتعلق بموضوعات الدراسة الأساسية مثل العجز عن القراءة (عسر القراءة) Dyslexia، والعجز عن الكتابة (عسر الكتابة) Dysgraphia، وصعوبة أو عسر إجراء العمليات الحسابية Dyscalculia، بالإضافة إلى صعوبات التهجئة Dysorhographly  ومثل هذه الصعوبات وغيرها إنما تنتج عن الصعوبات النمائية.

 

خصائص ذوي صعوبات التعلم:

الخصائص اللغوية:

قد يعاني ذوو صعوبات التعلم من صعوبات في اللغة الاستقبالية واللغة التعبيرية.. كما يمكن أن يكون كلام الشخص الذي يعاني من صعوبات التعلم مطولاً ويدور حول فكرة واحدة أو قاصراً على وصف خبرات حسية، بالإضافة إلى عدم وضوح بعض الكلام نتيجة حذف أو إبدال أو تشويه أو إضافة أو تكرار لبعض أصوات الحروف. هذا بالإضافة إلى مشكلة فقدان القدرة المكتسبة على الكلام وذلك بسبب إصابة الدماغ.

 

الخصائص الاجتماعية والسلوكية:

يظهر على الأطفال ذوي صعوبات التعلم العديد من المشكلات الاجتماعية والسلوكية والتي تميزهم عن غيرهم من الأطفال ومن أهم هذه المشكلات ما يلي:

(1)           النشاط الحركي الزائد

(2)           الحركة المستمرة والدائبة .

(3)           التغيرات الانفعالية السريعة.

(4)           القهرية أو عدم الضبط.

(5)           سلوك غير اجتماعي

(6)           تكرار غير مناسب لسلوك ما.  

(7)           الانسحاب الاجتماعي.

(8)           سلوك غير ثابت.                  

(9)           يتشتت انتباهه بسهولة.

(10)      يتغيب عن المدرسة كثيراً.

(11)      يسيء فهم التعليمات اللفظية. 

(12)      يتصف عادة بالهدوء والانسحاب.

 

الخصائص الحركية:

يظهر الأطفال ممن لديهم صعوبات في التعلم مشكلات في الجانب الحركي، ومن أوضح هذه المشكلات:

(1)    المشكلات الحركية الكبيرة التي يمكن أن تلاحظ لدى هؤلاء الأطفال هي: مشكلات التوازن العام وتظهر على شكل مشكلات في المشي والحجل والرمي والإمساك أو القفز أو مشي التوازن.

(2)    المشكلات الحركية الصغيرة الدقيقة والتي تظهر على شكل طفيف في الرسم والكتابة واستخدام المقص .. وغيرها.

(3)    يتصف الطفل بأنه أخرق يرتطم بالأشياء بسهولة ويتعثر أثناء مشيه ولا يكون متوازناً.

(4)    يجد صعوبة في استخدام أدوات الطعام كالملعقة والشوكة والسكين أو في استخدام يديه في التلوين.

 

الخصائص المعرفية:

تتمثل في انخفاض التحصيل الواضح في واحدة أو أكثر من المهارات الأكاديمية الأساسية وهي:

أ) القراءة:

(1)        يكرر الكلمات ولا يعرف إلى أين وصل.

(2)        يخلط بين الكلمات والأحرف المتشابهة.

(3)        يستخدم أصابعه لتتبع المادة التي يقرؤها.

(4)        لا يقرأ عن طيب خاطر.

(5)        لا يقرأ بطلاقة.

ب ) الحساب:

(1)           يواجه صعوبة في حل المشكلات المتضمنة في القصص

(2)           يصعب عليه المطابقة بين الأرقام والرموز.

(3)           يصعب عليه إدراك المفاهيم الحسابية.

(4)           لا يتذكر القواعد الحسابية.

(5)           يخلط بين الأعمدة والفراغات.

 

جـ) التهجئة:

(1)           يستخدم الأحرف في الكلمة بطريقة غير صحيحة.

(2)           يصعب عليه ربط الأصوات بالأحرف الملائمة.

(3)           يعكس الأحرف والكلمات.

د) الكتابة:

(1)           لا يستطيع تتبع الكلمات في السطر الواحد.

(2)           يصعب عليه نسخ ما يكتب على السبورة.

(3)           يستخدم تعبيراً كتابياً لا يتلاءم وعمره الزمني.

(4)           بطئ في إتمام الأعمال الكتابية.

إن ظاهرة صعوبات التعلم لا تعبر عن مشاكل تربوية فحسب، وإنما أيضا مشاكل نفسية تكيفية تؤثر على الطفل الذي يعاني من هذه المشكلة، كما تؤثر على أسرته، لذا يجب عند التعامل مع مشكلة صعوبات التعلم ألا يتم التركيز على التدخل التربوي والتعليم العلاجي فحسب، وإنما يجب أن يشمل التدخل تكنيكات وأساليب إرشاد نفسي وتربوي تساعد الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم على التكيف مع المشكلة وتجاوزها، كما تساعد الوالدين على التخفيف والمعاناة النفسية والتكيف أيضا مع مشكلة طفلهم ومساعدته بشكل مستمر. من هنا فإن خدمات الإرشاد النفسي التربوي ضرورة حتمية.

ولضمان نجاح أي برنامج في مجال الإرشاد النفسي والتربوي للطلبة ذوي صعوبات التعلم لا بد من العمل مع الطالب نفسه وكذلك مع والديه ومعلميه في المدرسة، إذ يجب أن يتضمن البرنامج الإرشادي مساعدة الطالب في الجوانب التربوية والتحصيلية التي عانى منها، بالإضافة إلى مساعدته في الجانب النفسي الانفعالي، كما يجب أن يتضمن البرنامج طرق واستراتيجيات مساعدة الوالدين في تقبل حالة الطالب والتكيف لها، والإجراءات التي من شأنها مساعدة الطالب في المنزل. هذا بالإضافة إلى العمل والتنسيق مع المعلمين في المدرسة، وهكذا فإن دور الإخصائي النفسي يتم فيه التركيز على نوعية الوالدين والمعلمين من خلال إتباع عدد من الإجراءات التي حددها جميل الصمادي (1997) عند التعامل مع الطلاب ذوي صعوبات التعلم وذلك على النحو التالي :

 

أ-التوجيهات الإرشادية الخاصة بالمعلمين :

(1)    التعرف على جوانب القوة والضعف لدى الطالب وتحليل الأخطاء التي يقع فيها الطالب مما يساعده في تصميم برنامج تربوي علاجي بناء على جوانب القصور التي تم تحديدها مسبقا.

(2)    التدرج في المهارات التعليمية والتقليل من خبرات الفشل بحيث يتم البدء بالتعلم الذي نجح به الطالب ثم التدرج مع مواصلة التشجيع والتعزيز للجوانب التي أتقنها الطالب.

(3)    تشجيع الطالب على النظر إلى الكلمات بالتفصيل لمساعدته في تمييز أشكال الحروف التي تتكون منها الكلمات.

(4)    الاستخدام الفعال للتعزيز وذلك عندما يؤدي الطالب الاستجابات بصورة صحيحة والتركيز على النقاط الايجابية في الإنجاز ومدح الطالب على الجهد الذي يبذله في التعلم.

(5)     التنويع في أساليب التعليم وطرائقه بحيث يجعل عملية التعلم أكثر تشويقا للمتعلم وأقرب إليه من خلال توظيف الأسلوب الذي ينسجم مع رغبات وميول الطالب من جهة والمهمة التعليمية من جهة أخرى.

(6)    التكرار واعتماد مبدأ المراجعة الدائمة للموضوعات التي سبق للطالب أن درسها مما يساعده على زيادة قدرته على التذكر.

(7)    إزالة المثيرات التي تؤدي إلى تشتت انتباه الطالب داخل الصف وجعل المثيرات الملائمة بشكل بارز أمام الطالب.

(8)   عرض المثير أو الشيء المراد تعلمه بأوضاع مختلفة ويفضل استخدام حواس متعددة من قبل الطالب مما يساعد على التعلم المتقن.

(9)    العمل على أن يتقن الطالب المهارات الأساسية القبلية اللازمة لكل مهارة مثل الانتباه، معرفة الاتجاهات، تمييز المثيرات السمعية والبصرية المتشابهة.

 

ب-التوجيهات الإرشادية الخاصة بالوالدين :

إن من أهم واجبات الإخصائي النفسي في مجال صعوبات التعلم هو الربط بين أولياء الأمور والبيئة المدرسية حيث يجب على الإخصائي مساعدة أولياء الأمور على إدراك الجوانب التالية:

(1)    أن صعوبات التعلم تؤثر على تعلم وتطور سلوك الطفل.

(2)    إعداد الطفل لتقبل التجربة التعليمية.

(3)    تفهم أولياء الأمور لشعورهم نحو طفلهم.

(4)    شعور أولياء الأمور بالارتياح من أسلوب تعاملهم مع طفلهم الذي يعاني من صعوبات التعلم.

(5)    فهم وتطبيق المعلومات التي يحصل عليها أولياء الأمور للمساعدة في نمو طفلهم من خلال التعامل اليومي بين الطفل ووالديه مما يساعد الوالدين أيضا في استيعاب وتفهم الطرق التي يجب عليهم التعامل مع طفلهم من خلالها.

 

(2)إرشاد المتفوقين والموهوبين :

  يعتبر المتفوقون أو الموهوبين من الفئات الخاصة التي تتميز بالحيوية والقدرة العالية في الأداء، وهم يحتاجون إلى برامج دراسية وإرشادية خاصة تختلف عن تلك التي تقدم للطلاب العاديين، وذلك بهدف مساعدتهم على استغلال قدراتهم وتنميتها، وبهدف تحقيق الفائدة المرجوة من وراء ذلك سواء لصالحهم أو لصالح المجتمع، وقد حدد مكتب التربية بالولايات المتحدة الصفات التي تميز المتفوق أو الموهوب على النحو التالي :

×       قدرة عقلية عامة.

×     قدرة خاصة بالتحصيل الدراسي، والتي تتمثل في تفوق الفرد على أبناء جيله، وفي القدرة اللغوية والقدرة على التذكر والاستنتاج والتعميم.

×     القدرة القيادية، والتي تتمثل في الثقة بالنفس والتوافق الاجتماعي بسهولة بالإضافة إلى تحمل المسئولية.

×     التفكير الإبداعي الإنتاجي، ويتمثل في تعدد الاهتمامات والقدرة على حل المشكلات والتفكير القابل للتنفيذ.

ويعمل الإخصائي النفسي مع المتفوقين بهدف التعرف عليهم وتقديم الاستشارة للمدرسين أو إدارة المدرسة أو الوالدين بهدف تعريفهم بهؤلاء الطلاب.

ومن الوسائل التي يستخدمها الإخصائي النفسي المدرسي في اكتشاف الطلاب المتفوقين والموهوبين كما حددها شاكر عبد الحميد (1996)، ما يلي:

1- الاختبارات العقلية :

 يعتمد في تحديد المتفوقين على مقاييس القدرة العقلية وتحديد معامل الذكاء، أو عن طريق التحكم في الأداء من خلال نتائجه، ويطلق على الفرد موهوبا أو متفوقا إذا امتلك عددا من القدرات أو إذا تميز بقدرة عالية في مجال واحد.

 

2- دراسة التاريخ الشخصي أو السيرة الذاتية :

 إذ يمكن الاستفادة من هذا الأسلوب في دراسة الإبداع لدى الأطفال والمراهقين وذلك من خلال محاولتنا الحصول على السيرة الذاتية ، بأن يكتبوا هذه السيرة في صفحات محددة، أو من خلال الآباء أو الأخوة أو مدرسيه، ثم يتم تحليل هذه السيرة لاكتشاف بعض مظاهر الإبداع في سلوكياتهم وإنجازاتهم المختلفة. مثلا: هل يظهر هذا الطالب تنوعا في اهتماماته ؟ هل ظهر هذا التنوع في أسلوب كتابته لهذه السيرة الخاصة به ؟ .. وهكذا.

 

3- ملاحظة الوالدين والمعلمين والزملاء :

 هذا الأسلوب أقرب إلى أسلوب المحكمين الذين نلجأ إليهم للحكم على مدى كفاءة أداة نفسية معينة، وهنا يكون الحكم موجها نحو تقدير مدى وجود أو اختفاء بعض المظاهر الإبداعية في سلوك الطفل أو المراهق، هنا طبعا لابد أن نمد المحكمين بوسائل مناسبة وأدوات تجعل أحكامهم وملاحظاتهم ذات كفاءة عالية. فيمكن مثلا أن نعطي بعض هؤلاء استمارات للتقدير أو بعض الاختبارات البسيطة الموجودة في المجال للاعتماد عليها في تقدير ما إذا كانت بعض مظاهر الإبداع موجودة في أسلوب الطالب أم لا ؟ وإذا كانت موجودة فبأي قدر يمكننا أن نستعين بقائمة النشاطات الإبداعية لملاحظة مدى توافر هذه السلوكيات لدى الطلاب، بحيث كلما زادت الدرجات التي يحصل عليها الطالب كلما زادت احتمالية أن يكون مبدعا بالفعل في المستقبل.

وهنا يتعين على الإخصائي النفسي أن يقوم ببعض الإجراءات في الإطار المدرسي، فيقوم من خلالها برعاية وتنمية القدرات لدى الطلاب الموهوبين والمتفوقين، وهذه الإجراءات تعتبر في نفس الوقت مجموعة من المبادئ الإرشادية التي ينبغي أوضحت مها زحلوق (1997) على الإخصائي النفسي توعية المعلمين بها وهي على النحو التالي:

(1)    أن يعمل المعلمون في الصف العادي على تكليف التلاميذ المتفوقين والموهوبين بواجبات إضافية، وإشراكهم في الأنشطة المختلفة، وذلك بغية تشجيعهم على التحصيل وعلى مزيد من تنمية جوانب التفوق لديهم.

(2)    العمل على وضع التلاميذ في مجموعة متجانسة من حيث مستوى القدرات العقلية أو الاهتمامات أو الميول، وهذا ما يتيح لهم الفرصة للعمل مع بعضهم وإدراك قدراتهم ومواهبهم بصورة متكاملة، ثم غالبا ما تحدث المنافسة العلمية بين الطلاب الذين يكون لديهم نفس الاهتمامات في مجالات الأنشطة المتعددة سواء أكانت اجتماعية أو فنية أو تحصيلية أو إبداعية أو غير ذلك .

(3)    العمل في المرحلة الابتدائية على تقديم مواد إضافية غير مكررة للعاديين مثل دراسة لغة أجنبية، أو العزف على آلة موسيقية، أو استخدام الكمبيوتر.. إلى غير ذلك .

(4)    تكوين معلمين أكفاء للعمل مع المتفوقين في المدارس، وتكون مهامهم كالتالي :

v     الكشف عن المتفوقين بفئاتهم المختلفة .

v     مساعدة المعلمين على توفير مواد تعليمية إضافية للمتفوقين، وعلى  تحضير واجبات وأنشطة تتناسب مع مستواهم .

v     إرشاد المتفوقين إلى قراءات خارجية، وأشكال مختلفة من الأنشطة .

v     عقد ورش عمل، وحلقات بحث مع المتفوقين لمناقشة بعض القضايا العامة والأمور المتعلقة بهم .

v     حث المعلمين على مساعدة المتفوقين في تنمية الروح الاستقلالية والنقدية لديهم وتطوير عادات الدراسة القائمة على طريقة التعلم الاستكشافي .

إلى جانب ما سبق، فيمكن للإخصائي النفسي أن يقوم بتزويد المتفوقين بخبرات غنية في مجالات متنوعة، وذلك لتنمية مواهبهم ورعايتها، ومن هذه المجالات ما يلي:

(1)    تكليف الطلاب بزيارة المكتبات وإعداد تقارير حول عدد هذه الموضوعات التي تتعلق باهتمامهم، أو مجال تفوقهم، ويمكن أن تكون هذه التقارير عن طريق أشرطة فيديو، أو شرائح، أو أية وسيلة مهنية أخرى.

(2)    تنظيم معارض علمية حول عدد من الموضوعات المبتكرة، وإعطاء جوائز للطلاب الأوائل الفائزين فيها.

(3)    تنظيم معارض فنية وحرفية تتضمن الرسم والزخرفة والنحت والتلوين والطباعة والتصوير، وإخراج أو تمثيل مسرحية ما، أو إعداد صحيفة تتطلب مقابلات مع الناس والتقاط صور.

(4)    استخدام البحث العلمي، وطريقة المشروعات في التحصيل الدراسي.

(5)    استخدام الأسلوب التجريبي في التحصيل الدراسي (كالمختبرات، أو الزيارات الميدانية، أو الرحلات العلمية والثقافية).

(6)    الانتساب إلى مراكز التعليم الخاصة المصممة لتدريس اللغات، أو العلوم، أو الرياضيات، أو الكمبيوتر، أو الموسيقى، أو الكتابات الإبداعية، أو غيرها.

(7)    الرحلات الميدانية إلى المختبرات والمتاحف والمصانع والمؤسسات التعليمية كالجامعة أو مراكز البحوث أو غيرها.

 

(3) إرشاد ذوي الإعاقة البصرية :

 يشكل ذوو الإعاقة البصرية فيما بينهم فئة غير متجانسة من الأفراد، فمنهم من يعاني من الفقدان الكلي للبصر ومنهم من يعاني من الفقدان الجزئي أو من بعض المشكلات البصرية الأخرى، كذلك منهم من حدثت إعاقته مع الميلاد أو في مرحلة مبكرة جداً من عمره، ومنهم من حدثت إعاقته في مرحلة متأخرة من العمر، وقد أدى عدم التجانس هذا إلى تنوع الأساليب والأدوات التي تستخدم في تربية وتعليم وتأهيل هذه الفئة، ومن هنا تعددت المفاهيم التي تناولت الإعاقة البصرية فنجد أن هناك أكثر من منظور يتم من خلاله تناول مفهوم الإعاقة البصرية.

فالإعاقة البصرية من المنظور الطبي تعرف بأنها " فقد الرؤية بالجهاز المخصص لهذا الغرض ـ وهو العين ـ وهذا الجهاز يعجز عن أداء وظيفته إذا أصابه خلل وهو إما خلل طارئ كالإصابة في الحوادث، أو خلل خلقي يولد به الشخص".

أما المنظور القانوني للإعاقة البصرية فهو ما سبق أن أقرته المؤسسة الأمريكية للعميان في تعريفها للشخص الكفيف بأنه " هو من تصل حدة إبصاره إلى 20/200 أو أقل في العين الأفضل بعد التصحيح المناسب أو تحديد في مجال الرؤية بحيث يكون أوسع قطر في مجال الرؤية يمتد إلى مسافة زاوية لا تزيد عن 20 درجة ".

ويميز التربويون عادة بين فئات مختلفة من المعوقين بصرياً تبعاً لدرجة الإعاقة وما تستلزمه من إتباع طرق ومواد تعليمية معينة، ومن بين هذه الفئات ما تضمنه التصنيف التالي:

 

أ) المكفوفون Blind:

وتشمل هذه الفئة المكفوفين كلياً ممن يعيشون في ظلمة تامة ولا يرون شيئاً، والأشخاص الذين يرون الضوء فقط، والذين يرون الضوء ويمكنهم تحديد مسقطه، والأشخاص الذين يرون الأشياء دون تمييز كامل لها، وأولئك الذين يستطيعون عد أصابع اليد إلى تقريبها عند أعينهم وهؤلاء الأشخاص جميعاً يعتمدون على طريقة برايل كوسيلة للقراءة والكتابة.

 

ب) المكفوفون وظيفياً  :Functionally Blind

وهم الأشخاص الذين توجد لديهم بقايا بصرية يمكنهم الاستفادة منها في مهارات التوجه والحركة ولكنها لا تفي بمتطلبات تعليمهم القراءة والكتابة بالخط العادي، فتظل طريقة برايل هي وسيلتهم الرئيسية في تعلم القراءة والكتابة.

 

ج) ضعاف البصر Low Vision Individuals:

وهم من يتمكنون من القراءة والكتابة بالخط العادي سواء عن طريق استخدام المعينات البصرية، كالمكبرات والنظارات أو بدونها.

 

خصائص المعوقين بصرياً:

الخصائص الحركية:

إن الطفل ذو الإعاقة البصرية عندما ينتقل من مكان إلى مكان آخر يستخدم جميع حواسه فيما عدا حاسة البصر،فهو يستخدم حاسة الشم في تمييز الروائح المختلفة التي تصادفه ويتحسس الأرض بقدميه أثناء سيره ليتعرف على طبيعتها ويستخدم حاسة السمع في تمييز الأصوات التي يتعرض لها، ويقدر الزمن الذي استغرقه في المسافات التي يقطعها، ويقوم بربط جميع هذه العناصر ببعضها حتى يحصل على الصورة الذهنية للمكان الذي يتحرك فيه، ولا شك أن ذلك يستنفذ منه طاقة نفسية كبيرة.

ولذا فمن الطبيعي أن تزداد المشكلات الحركية والقصور الحركي لدى المعاق بصرياً كلما اتسع نطاق بيئته أو كلما ازدادت تعقيداً لأن هذا سيفرض عليه التفاعل مع مكونات وعناصر متداخلة قد يصعب عليه إدراكها في غياب حاسة البصر.وهكذا تعتبر الحركة من العوامل المؤثرة في شخصية ذي الإعاقة البصرية حيث يعجز عن الحركة بنفس السهولة والمهارة التي يتحرك بها المبصر إذا ما أراد توسيع دائرة محيطه، الذي يعيش فيه ولذا فإن حركته تتسم بالكثير من الحذر والحيطة حتى لا يصطدم بعقبات نتيجة تعثره في شيء ما أمامه وهذا يؤكد حاجته إلى الرعاية والمساعدة خارج المنزل الذي يألفه مما يجعله أكثر تقبلاً للمساعدة من الآخرين حتى ولو كان قادراً على الاستغناء عنها ومثل هذه المواقف تؤثر كثيراً في شخصيته وفي علاقاته الاجتماعية مع من حوله.

 

الخصائص اللغوية:

إن التطور اللغوي المبكر للطفل ذي الإعاقة البصرية لا يختلف بشكل كبير عن تطور الطفل المبصر برغم أن إحداث الصوت والمناغاة غالباً ما تقل لديه، فعدم القدرة على استكشاف البيئة والتمكن منها، والحاجة للقيام ببحث لمسي عن الأشياء الجديدة عادة ما يؤخر اكتساب الكلمات، هذا إلى جانب أن مرحلة ترديد المقاطع الأخيرة من الكلمات قد تطول، وقد يردد الطفل جملاً بدون أن يفهم معناها، كما يتأخر استخدام لفظ "أنا" لأن الطفل يستغرق وقتاً أطول لكي يصبح مدركاً لنفسه كشخص وبعد ذلك قد تصبح المهارات اللغوية معقدة مثل مهارات المبصرين إلا أن مفاهيم اللون والعرض والعمق والسرعة.. الخ، قد تظل تمثل صعوبة لفترة طويلة جداً من الوقت.

ونتيجة لاعتماد الشخص ذي الإعاقة البصرية على الإشارات السمعية فقط في إدراكه للكلام الشفهي فإنه يصبح حساساً للفروق الدقيقة في تلحين الصوت وطبقة وعلو الصوت، وسرعة الكلام أكثر من الآخرين، وهو يعتمد على هذه الإشارات السمعية للإشارة إلى التوتر أو الاسترخاء، والنية الحسنة، وعدم الرضا، الموافقة أو الرفض وهذه الإثارات السمعية بالإضافة إلى الاتصالات البدنية مثل الربت على الظهر أو لمس اليد، لها أهمية كبيرة للمعاقين بصرياً بسبب اعتمادهم الأكبر على الإشارات السمعية والجلدية من أجل الحصول على المعلومات.

 

الخصائص الاجتماعية:

إن الإعاقة البصرية تؤثر في السلوك الاجتماعي للفرد تأثيراً سلبياً حيث ينشأ نتيجة لها الكثير من الصعوبات في عمليات النمو والتفاعل الاجتماعي، وفي اكتساب المهارات الاجتماعية اللازمة لتحقيق الاستقلالية والشعور بالاكتفاء الذاتي، وذلك نظراً لعجز ذوى الإعاقة البصرية أو محدودية مقدرتهم الحركية وعدم استطاعتهم ملاحظة سلوك الآخرين ونشاطاتهم اليومية وتعبيراتهم الوجهية كالبشاشة والعبوس والرضا والغضب وغيرها مما يعرف بلغة الجسم، وتقليد هذه السلوكيات أو محاكاتها بصرياً والتعلم منها؛ فغياب حاسة البصر من الأسباب التي تؤدي إلى صعوبة نسبية في الاتصال بالآخرين. فذي الإعاقة البصرية لا يستطيع الاتجاه بنظراته إلى محدثه، وبدلاً من الإبقاء على الاتصال البصري مثلما يفعل المبصر عادة أثناء التحدث، فإن ذو الإعاقة البصرية قد يدير أذنه تجاه المتحدث حتى يسمع بشكل أفضل وبذلك يبعد وجهه عن المتحدث، وإبعاد الوجه أو العينين بعيداً عن المتحدث قد يعني عدم الاهتمام أو التهرب مع أن الشخص ذا الإعاقة البصرية قد يتصرف على هذا النحو بقصد زيادة فاعلية الاستماع لديه.

ومن أوضح المشكلات الاجتماعية الناجمة عن الحركة والخبرات المحدودة للأطفال ذوي الإعاقة البصرية هي حالة السلبية والاعتمادية وقلة الحيلة وما ينجم عنها من مشكلات عديدة، فالطفل ذو الإعاقة البصرية يحتاج إلى مساعدة الوالدين أكثر من الأطفال المبصرين، وهذا يصاحبه عدم تلبيته لكثير من حاجاته مما قد يجعله يشعر أن الآخرين يهتمون به وهذا يؤثر بشكل أو بآخر على علاقة الطفل بوالديه، هذا وقد يتولد لديه إحساس عام بأنه غير قادر على التحكم في بيئته وهذا الشعور قد يدفع بالطفل إلى الاهتمام بنفسه أكثر من اهتمامه بالمحيط الخارجي أثناء نشاطاته المختلفة وقد يولد لديه شعوراً بعدم الأمن مما قد يحد من محاولاته لاكتشاف بيئته وهذا يؤثر على النمو الاجتماعي للطفل ذي الإعاقة البصرية.

                        

الخصائص الانفعالية:

تؤدي الإعاقة البصرية إلى تأثيرات سلبية على مفهوم الفرد عن ذاته وعلى صحته النفسية وربما أدت به إلى سوء التوافق الشخصي والاجتماعي، والاضطراب النفسي نتيجة الشعور بالعجز والدونية والإحباط، وفقدان الشعور بالطمأنينة والأمن ونتيجة لآثار الاتجاهات الاجتماعية السالبة، كالإشفاق والحماية الزائدة والتجاهل والإهمال مما يسهم في تضخيم شعورهم بالعجز والقصور والاختلاف عن الآخرين.

إن ذا الإعاقة البصرية يحيا حياة يفرض عجزه فيها عالماً ضيقاً محدوداً، يود لو استطاع الإفلات منه والخروج إلى عالم المبصرين وهو أمام حاجات نفسية لا يستطيع إشباعها، وأمام اتجاهات اجتماعية تحاول عزله عن مجتمع المبصرين وتقف حائلاً دون تحقيق رغبته في الاندماج في عالم المبصرين فهو أمام مواقف يواجه فيها أنواعاً من الصراع والقلق، حيث يواجه العديد من المواقف التي يشعر فيها بالقلق فهو يخشى أن يُرفض ممن حوله بسبب عجزه ويخشى أن تستهجن تصرفاته وهو في خشية دائمة من أن يفقد حب الآخرين الذين يعتمد أمنه على وجودهم واستمرار حبهم له، ويخشى كذلك أن تقع له حوادث لا يمكنه أن يتعداها لأنه معلق بصرياً .

إن الكفيف يحيا حياة يفرض عليه عجزه فيها عالما ضيقا محدودا يود لو استطاع الإفلات منه والخروج إلى عالم المبصرين، وكذلك أمام حاجات نفسية لا يستطيع إشباعها وأمام اتجاهات اجتماعية تحاول عزله عن مجتمع المبصرين وتقف دون تحقيق رغبته في الاندماج في عالم المبصرين، وهو أيضا أمام مواقف يواجه فيها أنواعا من الصراع والقلق حيث ينتاب الكفيف العديد من المواقف التي يشعر فيها بالقلق فهو يخشى أن يرفض ممن حوله بسبب عجزه ويخشى أن تستهجن تصرفاته.

إن أحد مصادر سوء التكيف والاضطراب الانفعالي التي يعاني منها الأطفال المكفوفون أنهم كثيرا ما يواجهون مواقف سيكولوجية جديدة تفرض عليهم مطالب أكثر حدة من غيرهم ففي كل مرة يخرج فيها الطفل الكفيف من منزله إلى مكان مألوف لديه يواجه موقفا سيكولوجيا جديدا، وذلك نتيجة خشية أن تكون هناك بعض العوائق في أماكن غير متوقعة، وفي هذه الحالة يواجه الطفل مواقف الإحباط والفشل نتيجة المواقف السيكولوجية الجديدة ولذلك فهو في حاجة إلى طلب المساعدة من الآخرين. فيعتاد الكفيف قبول المساعدة من الآخرين حتى ولو كان قادرا عن الاستغناء عنها ويصبح بذلك أميل إلى الاعتماد على الآخرين في قضاء حاجاته . ومثل هذا الموقف يؤثر تأثيرا كبيرا على علاقاته الاجتماعية مع الأفراد المحيطين به وهناك العديد من الاقتراحات التي أوضحها عبد الرحمن سليمان وشيخة الدربستي (1996) يمكن أن يستعين بها الإخصائيون النفسيون الذين يعملون مع طلاب معوقين بصريا، وهذه الاقتراحات تتضمن ما يلي:

(1)     ربما يضطر الطلاب المعاقون بصريا إلى الاعتماد على الآخرين لكي يصلوا إلى مكتب الإخصائي النفسي. وعلى هذا يحب أن يكون الإخصائي النفسي محددا وواضحا في إعطاء مواعيده، ومستعدا لاستقبال الطالب في الوقت الذي حدده.

(2)    لو أن الطالب كان كفيفا كليا، فيتعين على الإخصائي النفسي أن يعاونه بتوجيهه، أثناء وجوده في مكتب الإرشاد، وأن يعطيه بعض المعلومات عن تخطيط وتنظيم المكتب فيشير مثلا إلى حجمه، وموضع وجود الأثاث وغيرها.

(3)    يتعين على الإخصائي النفسي أن يتجنب القيام بسلوكيات مشتتة مثل تنظيم الأوراق، أو الطرق بالقلم الرصاص على المكتب، فهذه الضوضاء قد تفهم على أنها تعبير عن اللاانتباه أو نفاذ الصبر من جانب الإخصائي النفسي.

(4)    يتعين على الإخصائي النفسي أن يستخدم الصوت عوضا عن تعبيرات الوجه كي يوضح للطالب مهارات الانتباه المناسبة، كما أن الملاحظات المختصرة والأصوات العالية مفيدة للغاية وبدائل نافعة تحل محل الاتصال البصري أو الابتسامات في نقل الانتباه والاهتمام.

(5)    إن المكفوفين لا يستخدمون تعبيرات الوجه العادية لتوصيل انفعالاتهم إلى الآخرين، ومن هنا يتعين على الإخصائي النفسي أن يكون حريصا ألا يفسر (الوجوه الصامتة) للمكفوفين على أنها تعبير عن السأم أو التبرم أو تعبير عن نقص الانفعال ولكن يتعين عليه بدلا من ذلك أن يلاحظ الإشارات والعلامات الأخرى مثل الحركة الصادرة عن الأصابع، وموضع الأصابع والأيدي كوسائل لتقدير الحالة المزاجية .

(6)    عندما تكون عملية الإرشاد النفسي للطلاب والطلاب المعوقين بصريا في شكل مجموعات إرشادية، يجب على الإخصائي النفسي أن يبني الموقف الإرشادي بحيث يتجنب فترات الصمت الطويلة، أو يسمح بحديث يدور بين شخصين في نفس الوقت.

(4) إرشاد ذوي الإعاقة السمعية :

يضم لفظ المعوقين سمعيا، فئتي الصم وضعاف السمع، ويمكن تصنيف الأفراد المعوقين سمعيا وفقا لدرجة ونوع الصمم، فهو إما أن يكون صمما كليا أو جزئيا، ولادياً أو مكتسبا، مبكرا أو متأخرا، فهم يمثلون مجموعة غير متجانسة من الأفراد تتباين خصائص السمع لديهم. وطبقا للقرار الوزاري رقم (37) لسنة 1990 المادة (11) بشأن اللائحة التنظيمية لمدارس وفصول التربية الخاصة فقد تم الاتفاق على التعريف والتصنيف التالي في قبول الأطفال الصم وضعاف السمع بالمدارس وهي:

q     الصم : وهم الذين فقدوا حاسة السمع أو من كان سمعه ناقصا لدرجة أنهم يحتاجون إلى أساليب تعليمية تمكنهم من الاستيعاب دون مخاطبة كلامية .

q     ضعاف السمع : هم الذين لديهم سمع ضعيف لدرجة أنهم يحتاجون في تعليمهم إلى ترتيبات خاصة أو تسهيلات ليست ضرورية في كل المواقف التعليمية التي تستخدم للأطفال الصم، كما أن لديهم رصيدا من اللغة والكلام الطبيعي.

والسمع هو حالة وسيطة للكلمة، والكلمة تعبر عن المعنى الذي هو نتاج العقل لا الخيال فهي تعبير عن التصور العقلي يكاد يكون الرصيد المعبر عن المعنى الكلي لذا فإن حاسة السمع هي الطريق الأول لاستقبال المعاني والتصورات الكلية لهذا يعاني الأطفال ذوو الإعاقة السمعية أعظم صعوباتهم فيما يتصل بالمعاني الكلية للكلمات.

لذا يخطئ الأطفال ذوو الإعاقة السمعية في التركيب البنائي للغة المكتوبة حيث يستخدمون الأفعال في أزمنة غير صحيحة ويخطئون في وضع الكلمات في جمل، وقد يحذفون حروف الجر والعطف، بالإضافة إلى أنهم يعانون من صعوبات في فهم معاني الكلمات، ولذلك يلاحظ البطء في تعلم القواعد اللغوية وتعلم القراءة عند الطفل ذي الإعاقة السمعية، ولذا يمكن إهمال العلاقة الموجودة بين التحصيل الأكاديمي والإعاقة السمعية، والتي تتمثل في تأخر ذوي الإعاقة السمعية عن أقرانهم عاديي السمع فترة ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.

خصائص المعوقين سمعياً:

1)  الخصائص اللغوية:

إن عملية اكتساب اللغة تعتمد على قدرة الطفل على التقليد، فالطفل أول ما يقلد يبدأ بنفسه أي يقلد نفسه وهذا ما يعرف بالتقليد الذاتي وذلك في مرحلة المناغاة، بعد ذلك تأتي مرحلة التقليد الخارجي حيث نجده يقلد الأم أو بديلة الأم وبدون عملية التقليد يحرم الطفل من وسيلة هامة تمكنه من اكتساب اللغة، فالأطفال الذين يعانون من الإعاقة السمعية لا يمكنهم اكتساب اللغة من خلال عملية التقليد بسبب وجود هذه الإعاقة ولذلك يحاول الأطفال ذوو الإعاقة السمعية اكتساب اللغة المكتوبة لأنها الوسيلة التي يتعاملون من خلالها مع المجتمع.والطفل ذو الإعاقة السمعية يستخدم صوته أيضاً، ولكنه أقل إثارة بالاستمتاع السمعي وكلما نقصت قدرة الطفل على السمع نقص مقدار اللذة الذي يحدثه التصويت أو التلفظ به، ثم لا يلبث أن يصبح طفلاً لا يقدر على الكلام.

2) الخصائص العقلية:

لقد كشفت نتائج معظم الدراسات التي أجريت على القدرات العقلية لدى الأطفال ذوي الإعاقة السمعية عن أن هؤلاء الأطفال لا يختلفون اختلافاً جوهرياً عن الأطفال عاديي السمع وقد تبين أيضاً أن الأطفال ذوي الإعاقة السمعية قادرون على الانخراط في السلوك المعرفي ولكن ينبغي إكسابهم خبرات لغوية أكبر وأنهم إذاً اكتسبوا هذه الخبرات فإنهم سوف يكشفون عن فاعلية ذهنية كالتي يتصف بها الأطفال عاديي السمع فما لم تكن هناك نواحي قصور أو عجز أخرى يعاني منها الطفل ذو الإعاقة السمعية كوحدة تلف في خلايا المخ مثلاً فإنه لا يمكن القول بوجود علاقة سببية بين الإعاقة السمعية وانخفاض مستوى الذكاء، وهكذا يمكن القول أن الفروق في الأداء بين ذوي الإعاقة السمعية وعاديي السمع يعود إلى القصور الواضح في اختبارات الذكاء وخاصة اللفظية المقدمة لذوي الإعاقة السمعية لا إلى قدراتهم العقلية ويعني ذلك أن اختبارات الذكاء بوضعها الحالي لا تقيس قدراتهم الحقيقية إلا إذا صممت بطريقة تناسبهم ولذلك يصعب اعتبارهم معاقين عقلياً.

 

3) الخصائص الاجتماعية:

إن الطفل ذي الإعاقة السمعية في محاولته التوافق مع العالم الذي يعيش فيه يتخذ تكيفه احدي الصور الآتية: إما أن يتقبل أن يعيش كفرد ذي إعاقة وإما أن ينعزل عن أفراد المجتمع متجنباً أي تفاعل شخصي أو اجتماعي مع الآخرين، فإذا اختار لنفسه الأسلوب الأول كان لزاماً عليه أن يواجه المجتمع وهو محروم من الوسائل التي تيسر له الاتصال ويحدث نتيجة لذلك أن يعيش على هامش الجماعة وفي تلك الحالة يواجه الكثير من مواقف الشعور بعدم الأمن عندما يحاول الاختلاط بالغير فهو في حيرة دائمة لأنه لا يعرف ما إذا كان كلامه مفهوماً أو أن يقال له قد فهمه على حقيقته أما إذا اختار الأسلوب الثاني - العزلة - فسوف يعيش طوال حياته في فراغ لا يشعر بمتعة الحياة.

لذا يبدو أن ذا الإعاقة السمعية يعيش في عزلة عن الأفراد عاديي السمع الذين لا يستطيعون فهمه، وهم مجتمع الأكثرية الذي لا يستطيع أن يعبر بلغة الإشارة أو بلغة الأصابع ولهذا السبب يميل ذوو الإعاقة السمعية إلى تكوين النوادي والتجمعات الخاصة بهم بسبب تعرض الكثير منهم لمواقف الإحباط الناتجة عن تفاعلهم الاجتماعي مع الأفراد عاديي السمع ومن ثم ليس من المستغرب ميلهم إلى المهن التي لا تتطلب الكثير من الاتصال الاجتماعي كالرسم والخياطة والنجارة والحدادة... الخ.

وهكذا يتضح أن الأمر ليس مجرد عدم القدرة على الكلام، ولكن الواقع يشير بعكس ذلك فالعجز عن الكلام ليس إلا أضعف الآثار التي يمكن أن تنتج عن هذه الإعاقة، فالتعبير عن النفس والتلقي عن الآخرين، ومواصلة هذا التلقي لا يتم إلا من خلال ما يطلق عليه اسم التغذية المرتدة أو المرتجعة وعملية الاتصال هذه هي أساس عملية أخرى لها أهميتها وهي عملية التفاعل الاجتماعي وما يتصل به من قيام العلاقات البينشخصية، وتلك العلاقات هي المسؤولة عن قيام حياة اجتماعية فعالة.

ويتضح دور الإخصائي النفسي في توجيه وإرشاد ذوي الإعاقة السمعية من خلال التركيز على النقاط التالية:

(1)    إتاحة الفرص أمام الأصم لتوظيف الحواس والنواحي الحركية، واستخدام الوسائل البصرية واللمسية المختلفة، وتدريب أعضاء النطق لديه على قراءة الشفاه، والأيدي على تعرف الإشارات المختلفة، هذا إلى جانب التدريب المهني واليدوي مستقبلا.

(2)    تنمية الوعي لديه بالمفاهيم والمدركات ومحاذير المخاطر البيئية وإلى غير ذلك من نواحي تتصل بالنمو المعرفي لديه، ويمكن تثبيتها بالتكرار والممارسة.

(3)    تشجيعهم على الانخراط في المجتمع والاندماج مع أقرانهم ومع الآخرين دون خوف، وتوفير جو اجتماعي ملائم لهم يعالج السلوكيات غير السوية لديهم ويكسبهم السلوكيات الاجتماعية المقبولة، وتعليمهم الدور الاجتماعي كما يتوقع منهم بعد خروجهم للحياة والعمل وإدماجهم في نشاطات الحياة ومجالاتها الإنتاجية التي تناسبهم.

(4)    ملاحظة الانحرافات السلوكية أولا بأول، وأسبابها والعوامل المؤدية إليها ومن ثم كيفية الحد منها وتعديلها.

(5)    اكتساب الأصم القيم الاجتماعية السوية وترسيخ العقائد الدينية لديه بدرجة كبيرة، والتي تُكون لديه الوعي الديني والاجتماعي والانتماء للمجتمع.

(6)    إرشاده إلى مختلف أنواع الأنشطة واللعب الحركي والتوظيفي والتركيبي والتمثيلي والجماعي في إطار مواقف التدريس غير التقليدية بشرط أن تكون في مستواه الفعلي حتى لا يصاب بالإحباط أو بالملل.

ويضيف جمال الخطيب (1995) أن على الإخصائي النفسي الذي توكل إليه مهمة تقييم الأطفال المعوقين سمعياً أن يكون على معرفة بالعوامل التالية:

(1)    بوجه عام، يجب أن يكون المقياس أو الإختبار أدائياً غير لفظي فبدون ذلك يكون صدق الاختبار موضع شك وتساؤل. فالاختبارات اللفظية غير مناسبة عموماً لأنها تقيس القصور اللغوي وليس الخصائص المستهدفة. ليس ذلك فحسب، ولكن بعض الاختبارات الأدائية غير مناسبة لأنها تشمل تعليمات لفظية.

(2)    غالباً ما تكون الدرجات المتدنية وليس الدرجات المرتفعة التي يحصل عليها الأطفال المعوقون سمعياً غير صادقة. وذلك يعود إلي جملة من العوامل التي قد تمنع الفرد المعوق سمعياً من إظهار قدراته القصوى. وبناء علي ذلك، يقترح استخدام مقاييس عديدة وليس مقياساً واحداً. وعند اختلاف النتائج يقترح الأخذ بالدرجات الأعلى لأنها تعكس أداء الطفل المعوق سمعياً بشكل أصح.

(3)    إن الاختبارات التي يطبقها أخصائيون نفسيون ليس لديهم خبرة مع الأطفال الصم أقل صدقاً من تلك التي يطبقها أخصائيون لديهم خبرة كافية مع هذه الفئة من الأطفال. ولذلك فمن الأهمية بمكان أن يتم تقييم الأطفال المعوقين سمعياً على أيدي أخصائيين ذوي خبرة. ومن الواضح أن الأمر يقتضي تدريب عدد كاف من الإخصائيين النفسيين في هذا المجال.

(4)    إن التواصل يلعب دوراً حاسماً في عملية التقييم النفسي التربوي ولذلك يجب علي الفاحص أن يكون قادراً علي الاتصال مع الطفل المعوق سمعياً في الموقف الإختباري سواء من خلال التواصل الكلي أو قراءة الكلام أو لغة الإشارة أو أبجدية الأصابع. وإذا لم يحدث ذلك فالنتائج تكون غير صادقة ويجب التنويه إلي ذلك في التقرير الذي يتم إعداده.

(5)     بسبب مشكلات التواصل المرتبطة بالإعاقة السمعية، فإن اختبارات الشخصية تنطوي علي صعوبات خاصة. فهذه الاختبارات تعتمد علي التواصل اللفظي أو علي مهارات القراءة مما يجعل بعضها غير قابل للاستخدام لدراسة شخصية الفرد المعوق سمعياً. ولأن تقييم الشخصية يتطلب بناء الثقة مع المفحوص فإن المراجع ذات العلاقة تقترح الاستعانة بمترجم لغة إشارة إذ أن الطفل الأصم قد لا يفهم ما يكتب أو يقال له وذلك يمنع حدوث التواصل والثقة. 

(6)    إن التقييم النفسي التربوي للأطفال المعوقين سمعياً الصغار في السن غالباً ما يفتقر إلي الثبات والصدق و لا يمكن الاعتماد علي نتائجه.

(7)    إن التقييم الجمعي للأطفال المعوقين سمعياً ليس مناسباً إلا إذا تم التعامل معه بوصفه وسيلة تهدف إلي الكشف السريع. ولكنه أسلوب غير مقبول لقياس مهارات الطفل وقدراته.

(8)    إن التقييم الشامل والصادق للأطفال المعوقين سمعياً غالباً ما يتطلب وقتاً أطول من تقييم الأطفال السامعين، وذلك يعني ضرورة اعتماد اختبارات لا تهتم بعنصر التوقيت أو متابعة أداء الطفل في جلسات عديدة.

(9)    يجب أن يكون الفاحص علي وعي كاف بتأثيرات الوقف الإختباري وسلوكه كفاحص علي سلوك الطفل المعوق سمعياً. وبوجه عام، يجب أن يخلو مكان الفحص من المشتتات البصرية ومن الأصوات ويجب أن تتوفر فيه إضاءة جيدة.

 

(5) إرشاد ذوي الإعاقة العقلية:

تعرف الإعاقة العقلية في الطبعة الرابعة من الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية المعروفة اختصار بـ DSMIV (1994) بأنها " انخفاض ملحوظ دون المستوى العادي في الوظائف العقلية العامة يكون مصحوباً بانحسار ملحوظ في الوظائف التكيفية، مع التعرض له قبل سن الثامنة عشر".

ويتضمن هذا التعريف ثلاثة محكات أساسية يجب توفرها معاً قبل الحكم على شخص ما بأنه ذو إعاقة عقلية. وهذه المحكات هي:

q     أداء ذهني وظيفي دون المتوسط ونسبة ذكاء حوالي 70 أو أقل على اختبار ذكاء يطبق فردياً.

q     وجود عيوب أو قصور مصاحب للأداء التكيفي الراهن(أي كفاءة الفرد في الوفاء بالمستويات المتوقعة ممن هم في مثل عمره أو جماعته الثقافية في اثنين على الأقل من المجالات التالية: التواصل، استخدام إمكانات المجتمع، التوجيه الذاتي، المهارات الأكاديمية والوظيفية والعمل، الفراغ، الصحة والسلامة، التكيف مع متطلبات المواقف والحياة الاجتماعية ) .

q     يحدث ذلك كله قبل سن 18 سنه.

 

تصنيف الإعاقة العقلية:

إن المستعرض لتصنيفات الإعاقة العقلية يجد اختلافاً بين علماء الطب والتربية والاجتماع وعلم النفس في تصنيفاتهم لذوى الإعاقة العقلية ، بسبب اختلافهم في المعيار الذي اتخذه كل منهم أساساً لتصنيف الإعاقة العقلية والذي يتفق مع خلفيته العلمية وتخصصه ، وسنعرض هنا التصنيف التربوي والاجتماعي واللذين يعتبران من أكثر التصنيفات شيوعاً:

 

أ) التصنيف تبعاً للبعد التربوي:

 يشيع استخدام هذا التصنيف بين التربويين، ويستند إلى ما يمكن أن نطلق عليه مبدأ الصلاحية التربوية، ويبدو ذلك واضحاً في تقسيم الفئات التي يتضمنها التصنيف، ووفقاً لهذا التصنيف يمكن توزيع ذوى الإعاقة العقلية إلى الفئات الثلاث التالية:

ª القابلون للتعليم:

تتراوح معاملات ذكاء أفراد هذه الفئة ما بين   55-70 وتقابل هذه الفئة وفق هذا التصنيف حالات الإعاقة العقلية البسيطة، ويتم التركيز في هذه الفئة على البرامج التربوية الفردية. حيث أنهم لا يستطيعوا الاستفادة من البرامج التربوية في المدارس العادية بشكل يماثل الطلبة الأسوياء، ويتضمن محتوى مناهج الأطفال القابلين للتعلم المهارات الاستقلالية، و الحركية، و اللغوية، و الأكاديمية كالقراءة والكتابة والحساب، و المهنية، والاجتماعية.

ª القابلون للتدريب :

 وتتراوح معاملات ذكاء أفراد هذه الفئة ما بين 25- 55، وتتضمن هذه الفئة ذوى الإعاقة العقلية الذين يعتقد أنهم غير قادرين على تعلم المهارات الأكاديمية، ولذا فإن برنامجهم التعليمي يهدف أساساً للتدريب على المهارات الاستقلالية كالعناية بالنفس،إضافة إلى مهارات التأهيل المهني.

 

ª الاعتماديون :

هي حالات الإعاقة العقلية الشديدة وهي أكثر مستوياته تدنياً وتدهوراً وتقل معاملات ذكائهم عن (25) وهم عاجزون كلياً حتى عن العناية بأنفسهم أو حمايتها من الأخطار، لذا يعتمدون اعتماداً كلياً على غيرهم طوال حياتهم ويحتاجون رعاية إيوائية متخصصة في النواحي الطبية والصحية والنفسية والاجتماعية إما داخل مؤسسات خاصة أوفى مراكز علاجية أو في محيط أسرهم.

 

ب) التصنيف تبعاً للبعد الاجتماعي:

يقوم هذا التصنيف على محك التواؤم أو التكيف الاجتماعي للفرد، ومدى اعتماده على نفسه ووفائه بالواجبات والمطالب الاجتماعية، ويمكن تقسيم فئات الإعاقة العقلية بحسب درجات القصور في السلوك التكيفي إلى ما يلي:

ª الإعاقة العقلية البسيطة :

تمثل هذه الفئة حوالي 85% من فئات الإعاقة العقلية، ويرتبط القصور في السلوك التكيفي داخل هذه الفئة بما يلقاه الطفل من معاملة أسرية ومدرسية، والتوقعات السلبية المسبقة عن استعداداته وسلوكه، ومدى تعريضه لخبرات ومواقف لا تتناسب واستعداداته مما يعرضه لمشاعر الفشل المتكرر والإحباط، ومن ثم تكون الحاجة ماسة إلى ضرورة تفادي هذه المواقف ، فمعظم حالات الإعاقة العقلية البسيطة تستطيع تحمل مسئولياتها تجاه نفسها وتجاه أسرها، إذا وجدت الرعاية المناسبة في سن مبكرة، لكنها تظل في حاجة إلى إرشاد وتوجيه الآخرين مدى الحياة، لأن نضوجها الاجتماعي لا يصل إلى مستوى الرشد التام.

 

ªالإعاقة العقلية المتوسطة :

تمثل هذه الفئة حوالي 10% تقريباً من ذوى الإعاقة العقلية ،و يعاني أفراد هذه الفئة من التأخر في النمو، وأفراد تلك الفئة معظمهم من القابلين للتدريب إذ يمكن تدريبهم على العناية بأنفسهم، إلا أنهم مع ذلك يبقون بحاجة إلى الإشراف الذي يمكن أن يستفيدوا منه في تعلم بعض المهارات الحياتية العامة كالأعمال المنزلية، ويمكن إعداد بعضهم للقيام ببعض الأعمال البسيطة.

 

ª الإعاقة العقلية الشديدة:

تمثل هذه الفئةحوالي 3-4% من ذوى الإعاقة العقلية وتتسم هذه الفئة بمحدودية النمو اللغوي والمهارات الحركية، إلى جانب أن هذا المستوى من التخلف العقلي يرتبط في معظم الأحيان ببعض الإعاقات الجسمية الأخرى، ويعاني هؤلاء الأطفال عادة من القصور في القدرة على إصدار الأحكام الصحيحة على الأشياء ولا يستطيعون اتخاذ القرارات الهامة المتعلقة بحياتهم من تلقاء أنفسهم وبالرغم من ذلك فإنهم يستطيعون تعلم بعض مهارات العناية بالنفس.

 

ª الإعاقة العقلية الشديدة جداً (الحادة):

تمثل هذه الفئة حوالي 1-2% من ذوى الإعاقة العقلية ، ويكاد يكون التخلف العقلي في هذه الفئة مطبقاً، ويصاحبه تدهور في الحالة الصحية والتآزر الحركي والنمو الجسمي وقصور شديد في الاستعدادات اللازمة لنمو اللغة والكلام ومن أساليب التواصل وما يترتب على ذلك كله من عجز ونقص واضح في الكفاءة الشخصية والاجتماعية لذا يظل المتخلفون عقلياً من هذه الفئة في حاجة إلى الاعتماد المستمر على غيرهم طوال حياتهم.

 

خصائص المتخلفين عقلياً:

 الخصائص الجسمية والحركية:

إن الصفات الجسمية العامة كالطول والوزن والبنيان الجسمي بصفة عامه، تعتمد كلها على الخصائص الوراثية للطفل، إلا إذا كان التخلف العقلي من ذلك النوع المصحوب بمظاهر جسمية معينة كما في حالات الأنماط الإكلينيكية( كذوي العرض داون) و في ما عدا هذه الحالات تكون الفروق بين ذوى الإعاقة العقلية البسيطة وبين الأسوياء في نواحي النمو الجسمي أقل بكثير من الفروق بينهم في نواحي النمو العقلي.

أما عن بدايات مظاهر النمو الحركي فإنها تكون متأخرة عند هؤلاء الأطفال حيث يتأخر الطفل ذو الإعاقة العقلية في الجلوس والحبو والوقوف والمشي والكلام كما تتأخر لديه القدرة على القفز والجري لذا يحتاج الطفل إلى تدريبات لتنمية التوازن الحركي والقدرات الحركية بصفة عامة.

 

الخصائص العقلية:

يواجه الأطفال ذوى الإعاقة العقلية مشكلات واضحة في القدرة على الانتباه والتركيز على المهارات التعليمية وتزداد درجة ضعف الانتباه بازدياد درجة الإعاقة، إذ الأطفال ذوي الإعاقة العقلية البسيطة مشكلات أقل في القدرة على الانتباه والتركيز مقارنة مع ذوي الإعاقة العقلية المتوسطة والشديدة.كما يعاني الطفل ذو الإعاقة العقلية من قصور في عمليات الإدراك العقلية خاصة عمليتي التمييز والتعرف على المثيرات التي تقع على حواسه الخمس، بسبب صعوبات الانتباه والتذكر، فالطفل ذو الإعاقة العقلية لا ينتبه إلى خصائص الأشياء فلا يدركها وينسى خبراته السابقة فلا يتعرف عليها بسهولة، مما يجعل إدراكه لها غير دقيق أو يجعله يدرك جوانب غير أساسية فيها

و تزداد عملية التمييز لدى ذوى الإعاقة العقلية صعوبة كلما ازدادت درجة التقارب أو التشابه بين المثيرات المختلفة، كالتمييز بين الأشكال والألوان والأحجام والأوزان والروائح المختلفة، ولكن على الرغم من مواجهة القابلين للتعلم من ذوي الإعاقة العقلية لهذه الصعوبات إلا أنها أقل حدة من وجودها لدى الفئات الأخرى.

 

  الخصائص الاجتماعية:

تعد مشكلة الإعاقة العقلية، في كثير من أبعادها، مشكلة اجتماعية، فالشخص ذو الإعاقة العقلية أقل قدرة على التكيف الاجتماعي و على التصرف في المواقف الاجتماعية وفي تفاعله مع الناس. والخصائص الشخصية والاجتماعية للأطفال ذوى الإعاقة العقلية تتأثر بعوامل متعددة مثلها في ذلك مثل العوامل التي تؤثر في نمو شخصية الطفل العادي، ولكن الطفل ذو الإعاقة العقلية يعاني من خصائص سلبية لها تأثير حاسم على نمو شخصيته وسلوكه الاجتماعي فانخفاض مستوى قدرته العقلية وقصور سلوكه التكيفي يضعه في موقف ضعيف بالنسبة لأقرانه من الأطفال ويطور لديه إحساساً بالدونية، ومما يضاعف من هذا الإحساس انخفاض التوقعات الاجتماعية منه، حيث أن الآخرين في معظم الأحيان يعاملونه على أنه مختلف ولا يتوقعون منه الكثير.

 

4  - الخصائص الانفعالية:

يغلب على سلوك ذوى الإعاقة العقلية التبلد الانفعالي واللامبالاة وعدم الاكتراث بما يدور حولهم، أو الاندفاعية وعدم التحكم في الانفعالات كما يؤثرون الانعزال والانسحاب في المواقف الاجتماعية وعدم الاكتراث بالمعايير الاجتماعية، والنزعة العدوانية والسلوك المضاد للمجتمع وسهولة الانقياد وسرعة الاستهواء، هذا بالإضافة إلى الشعور بالدونية والإحباط وضعف الثقة بالنفس والرتابة وسلوك المداومة والتردد وبطء الاستجابة والقلق والوجوم والسرحان وقد يبدو المتخلف عقلياً لطيفاً مبتسماً ودوداً في كل الأوقات بمناسبة ودون مناسبة.

 ومن المبادئ الهامة التي يجب على الإخصائي النفسي مراعاتها عند إرشاد المتخلفين عقليا ما يلي:

(1)     يتعين على الإخصائي أن يفهم الخصائص المرتبطة بالتخلف العقلي، وأن تكون لديه معرفة بمستوى الطفل من حيث توظيف قدراته وإمكاناته.

(2)    استخدام العبارات المحسوسة والكلمات والجمل المبسطة يعتبر ملائما تماما لكل طلاب فئات الإعاقة وخاصة مع الأطفال ذوي التخلف العقلي.

(3)     إن روح الدعابة لدى الإخصائي النفسي ستمكنه إلى حد كبير من أن يتعايش بنجاح مع الأسئلة أو الملاحظات الشخصية أو غير الملائمة، أو التعليقات التي قد توجه له فجأة أثناء جلسات الإرشاد النفسي.

(4)     التكرار والتوضيح، بالإضافة إلى استخدام الوسائل المعينة المحسوسة مثل الأفلام وشرائح الإيضاح التعليمية، والنماذج قد تساعد الطفل المتخلف عقليا في فهم المفاهيم ذات المعاني المجردة على نحو خاص.

 (5)     يتعين على الإخصائي النفسي الالتزام بحدود سلوكية زمنية ثابتة من خلال وقت محدد داخل بناء أو تنظيم واضح المعالم.(رمزية الغريب،1982)

 

دور الإخصائي النفسي في إرشاد والدي الأطفال المعوقين :

لقد أوضح أحمد عبد الله (1999) أن هناك بعض الواجبات التي ينبغي على الإخصائي النفسي المدرس أن يضعها في إعتباره عند التعامل مع والدي الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة ومنها:

أولاً : كن مستمعاً جيداً :

على الرغم من بساطة هذا المطلب وسهولته، إلا أنه من المهارات التي يفتقدها الكثير من العاملين في المجالات التي تتطلب الاستماع إلى الآخرين.

إذ يعتبر الاستماع من أهم عناصر العلاقة الإرشادية. انه الأساس الذي ستبني عليه العلاقات. ويتضمن قيمة علاجية عالية. إن الاستماع الحقيقي ليس من المهارات سهلة الاكتساب. فالاستماع ليس بالعملية الآلية خاصة في مجال تقديم المساعدة الإرشادية، إن عليك (كمرشد) أن تكون واعياً ومدركاً للأسلوب أو الكيفية التي يتحدث بها المسترشد (والدا الطفل المعاق في هذه الحالة) ونعني بالأسلوب هنا الإشارات والإيماءات التي يستخدمها الوالدان أثناء الحديث. كما عليك أن تكون واعياً للأشياء التي لا تقال والتي تختفي تحت السطح ويمكن الاستدلال عليها. إن هذه المهارات يطلق عليها الأذن الثالثة. بالاستماع إذن يجب أن يكون للرسائل اللفظية وغير اللفظية خاصة عندما نتعامل مع أسرة الطفل المعاق والتي تحمل الكثير من الضغوط النفسية والإحباط. إن الإخصائي الكفء هو الذي يستطيع أن يدرك ما يقول المسترشد وما يشعر به. إن بإمكانه التركيز على الاتجاهات والأحاسيس. الاستماع إذن إنما هو عملية فعالة تهدف إلى الاستجابة للرسالة الكلية.

 

ثانياً : ساعد الوالدين لتقبل الطفل المعاق كما هو ...

إن الطفل المعاق بحاجة إلى الشعور بالتقبل كفرد له قيمة من قبل الآخرين ومن قبل ذاته أيضاً. وإذا فشل الوالدان في توفير هذا الشعور للطفل فان من شأنه ذلك أن يخلق إحساساً سلبياً لدية. وقد يسعى للبحث عن هذه الحاجة وإشباعها عند الآخرين وقد يسلك سلوكاً غير مقبول كنتيجة لهذا الحرمان.

ولذلك ينبغي على الإخصائي النفسي أن يساعد الوالدين لتقبل الطفل المعاق كما هو واعتباره طفلاً بالدرجة الأولى ومعاقاً بالدرجة الثانية. ومن الأهمية بمكان أن يسعى الإخصائي النفسي إلى تبصير الوالدين بالحقائق المتعلقة بنمو ونضج هذا الطفل وأنه قد يختلف في سرعة ومعدل نموه، بالمقارنة بأقرانه العاديين.

 أنه لأمر مفيد للوالدين أن يدركا أبعاد مشكلة طفلهما المعاق من خلال بعض المعلومات المبسطة التي يقدمها الإخصائي النفسي. إن توضيح صورة الطفل ومدى قدراته وإمكاناته سيساعد الوالدين على رسم صورة حقيقية لطفلهما وتوقع الممكن من الإنجازات وتجنب الاحباطات المحتملة نتيجة التوقعات غير الواقعية والتي ستنعكس على سلوكهما وأسلوب معاملتهما لطفلهما المعاق، ولكن بين الإجراءات التي تساعد الوالدين على التكييف مع الوضع.

×     ساعد الوالدين ليكونا أكثر موضوعية مع الطفل ومع إعاقته.

×     ساعد الوالدين ليكونا أكثر قدرة على التنبؤ بسلوك الطفل المستقبلي (ما هي أنواع السلوك التي سينجح الطفل في التغلب عليها وتلك التي يتوقع أن تظل مع الطفل).

       ×ساعد الوالدين على تبني بعض الوسائل والأفكار للتعامل مع المواقف المختلفة والشائعة لدى الأسر التي لديها أطفال متخلفين عقلياً.

×     ساعد الوالدين ( وكذلك جميع أفراد الأسرة ) ليدركوا أن الطفل المعاق لدية نفس الحاجات الجنسية، والفسيولوجية، والترفيهية والتربوية التي يحتاجها العاديون.

×     ساعد الوالدين على اكتشاف جميع المصادر المتوفرة في المجتمع والتي يمكن أن تقدم الخدمات للأطفال المعاقين ( عيادات، مراكز تقويم، جماعات أو رابطة الأهالي، ورش عمل أو مؤسسات تعليمية للأطفال المتخلفين عقلياً ).

       ×ساعد الوالدين على عمل أو تصميم وسيلة لمتابعة مدى تقدم الطفل في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة المدى التي سترسم له.

 

ثالثاً : ساعد الوالدين التخلص من مشاعر الذنب ..

قد ينتاب بعض الآباء والأمهات شعور بأنهم قد ارتكبوا ذنباً وأن الله قد عاقبهم على ذلك. ومن المهم التعامل مع هذه المشاعر التي يمكن أن تكون مدمرة. وينبغي أن يقوم الإخصائي بتبصير الوالدين ببعض الحقائق الأساسية للإعاقة التي يعاني منها طفلهم إذا لمس واستنتج منهما إحساس بالذنب. وعندما تسيطر مشاعر الذنب على الإنسان فإنه لا يخضع أفكاره للتفكير المنطقي وقد لا يقبل النقاش. ومن المهم في هذه المرحلة أن يقوم الإخصائي أو الإخصائي النفسي بتبصير الوالدين بحقيقة مشاعرهم وتوضيح أنه من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالذهب في مثل هذه المواقف. إن مشاعر الذنب ليست بالضرورة غير منطقية وغير مناسبة، وهي أيضاً ليست بالضرورة مدمرة. إلا أنه من المهم أن يعي الوالدان حقيقة مشاعرهما ليصبح بإمكانهما تجاوزها.

إن مناقضة إعاقة الطفل والأسباب التي أدت إليها بصورة مبسطة وسهلة ( عندما يكون ذلك ممكناً ) ستزيد من وعي الوالدين بهذا الجانب وهي أمر لا يساعد فقط على التقليل من شعور الوالدين بالذنب والخجل. بل سيساعدهما على تجنب إلقاء كل طرف ( الزوج والزوجة ) اللوم على الطرف لآخر أو إلقاء اللوم على الطبيب أو المدرس أو الإخصائي النفسي. وباختصار فإن الوعي بأبعاد المشكلة يجعل التعامل معها أكثر سهولة أو أقل صعوبة.

رابعاً : تذكر .. انك تتعامل مع أناس يحملون مشاعر الإحباط .. والألم ..

على الإخصائي أو الإخصائي أن يدرك الذين يتعامل معهم بشر قابلين بشكل كبير أن يجرح كبرياؤهم ولديهم قبلية كبيرة للإحساس بالذنب، يجب أن يكون الإخصائي على بصيرة بأن آباء وأمهات الأطفال المعاقين بشكل عام يحملون الكثير من المشاعر غير السارة وخبرات الإحباط والإحساس بالذنب. إن ذلك يستوجب تعاملاً خاصاً لا يجرح كبريائهم ولا يعمق من مشاعر الذنب والإحساس بالمرارة لديهم. تذكر انك كأخصائي لا يمكنك الطلب إلى الوالدين أن يغيرا من شخصيتهما ويتقبلا الأمر الواقع بإصدار (الأوامر) إليهما. إن التقبل والتغير والنضج يأتوا مع الزمن إذا نجحنا في منح العائلة شيئاً من الأخلاق والكرامة والحقوق الإنسانية.

 

خامساً : اللقاء مع الوالدين .. اجعله مثمراً بأقصى درجة ممكنة:

الواقع أنه على الرغم من أن اللقاء مع والدي الطفل المعاق يكاد يكون أمراً سهلاً واعتيادياً للإخصائي النفسي، إلا إن هذه السهولة قد تنسينا الكثير من الأمور والاعتبارات التي يجب أن هتم بها حتى تكون مقابلة الوالدين مثمراً من هذه الأمور:

   v  تذكر دائماً أن كل والد أو والدة إنما هو شخص يحمل أفكاراً واتجاهات خاصا عن الطفل، والمدرسة، والمجتمع، والحياة بشكل عام. وهذه الأفكار لن تكون بالضرورة مشابهة لأفكار الآخرين.

  v   قرر مسبقاً ومنذ البداية ما الذي سيتم مناقشته مع الوالدين.

  v   لا تحاول تسجيل المعلومات التي يقدمها الوالدين مالم يتم الاستئذان منهما، أشرح الهدف من تسجيل الملاحظات.

  v   ابدأ اللقاء وانهه بملاحظات إيجابية ومشجعة عن الطفل المعاق.

  v   لا تدفع الوالدين إلى الحديث بسرعة.. أنهما بحاجة إلى الوقت للاسترخاء والكشف عن كوامن النفس.

  v   استمع إلى الوالدين بحماس.

  v   حاول أن تكون متفقا مع وجهة نظر الوالدين كلما كان ذلك ممكناً.

  v   حاول أن يكون شرحك للوضع مفهوماً من قبل الوالدين.

  v   حاول أن تجعل الوالدين يشعران بأن اللقاء كان مثمراً وإيجابياً، وأنه قد تم وضع الخطوط العامة للقاءات قادمة.

  v   قدم للوالدين نصيحة عملية واحدة على الأقل والتي يمكن من خلالها مساعدة الطفل داخل المنزل.

  v   ساعد الوالدين على إدراك إن مساعدة الطفل إنما هي عملية مشتركة بين المدرسة والمنزل.

إلى جانب ما سبق، أوضح شاكر قنديل (1996) أنه على الإخصائي عند إرشاده لأسرة الطفل المعاق عقلياً أن يراعي المبادئ الأساسية التالية :

(1)   أن مشكلة الطفل المعاق عقليا هي مشكلة الأسرة كلها، وعلى الإخصائي النفسي أن يتبنى اتجاهات واقعية نحو الأسرة، وأن يتفهم مشكلاتها وهمومها ومشاغلها الأخرى.

(2)   التعرف على هموم أسرة الطفل المعاق من وجهة نظرها، لأن كثيرا من العلاقات المهنية بين الإخصائيين والأسرة تفشل مبكرا لأن الإخصائي النفسي عجز عن التعرف الصحيح على مطالب الأسرة الحقيقية.

(3)   ألا يفترض الإخصائي النفسي أنه يفهم الطفل المعاق ومشكلاته أكثر من والديه، حيث أن العلاقة البناءة بين الإخصائي والأسرة تعود بفوائد إيجابية على الطفل، والأسرة، وعلى جهود ذاته.

(4)   ضرورة التركيز على تحرير الوالدين من المشاعر السلبية، وردود الأفعال المرضية لأن أي محاولة لتعديل وتنمية سلوك الطفل المعاق عقليا لن يكتب لها التحقق دون دعم الوالدين وتعاونهما، وهذا يستلزم أن يأخذ الإخصائي النفسي العوامل الانفعالية للأسرة في حساباته.

(5)   أن يأخذ الإخصائي النفسي في اعتباره، أن أسرة الطفل المعاق عقليا أسرة مأزومة نفسيا. ولذا لابد من إتاحة الفرصة كاملة ودائمة أمام الوالدين للتعبير عن مشاعرهم وأن نحترم تلك المشاعر رغم عدم منطقيتها، مع توفير قدر كاف من التعاطف مع ضعفهم البشري .

(6)   مساعدة الوالدين على تبني أنماط تفكير واقعي، وعلى قبول تقييم عقلاني ومرن للواقع، والعمل على تطوير الممكن والمتاح، وترشيد الطموحات الوالدية، في ضوء أهداف واقعية، وتنمية قدرتهم على تحمل الأخطاء، والتعايش مع الصعوبات.

(7)   تنمية مصادر مقاومة الضغوط النفسية، والتي تساعد الآباء في الحفاظ على سلامتهم النفسية والجسمية أمام الضغوط، وذلك من خلال تنشيط عملية المبادأة، ودعم روح التحدي، وإشعار الفرد بقيمته، وتنمية كفاءته واقتداره، ورفع استعداده لتحمل المسئولية.

(8)   دعم الصلابة النفسية للوالدين كمتغير سيكولوجي يخفف من وقع الأحداث الضاغطة، ويتم من خلال التوكيد والتدريب على عملية الضبط الداخلي، ودعم العوامل الاجتماعية المهمة في المساندة، والتي تعمل كعوامل مخففة أو معدلة، أو واقعية لضغوط الواقع.

(9)   مساعدة الوالدين على فهم واستيعاب الحقائق الآتية بشأن طفلهم:

v      فهم معنى الإعاقة في نطاق الحالة الخاصة لطفلهم.

   v   فهم درجة إعاقة طفلهم، وما تعنيه في المستقبل.

    v  فهم قدرات وإمكانيات طفلهم وحاجاته وصعوباته.

 v    تقدير تأثير هذه الإعاقة على حياة الأسرة، وعلى أخوته في الأسرة،  وعليهم كآباء، وعلى درجة توافق الأسرة مع جيرانها.

v    التمييز بين تخلف الطفل، وبين سلوكه كحقيقتين مستقلتين، وأن سلوك الطفل يمكن تعديله وتخفيف سلبياته بواسطة استراتيجية تربوية مناسبة، بينما التخلف العقلي أمر لا نستطيع تغييره.

 

 

مجالات الإرشاد النفسي المدرسي

  مجالات الإرشاد النفسي المدرسي   مقدمة: هناك العديد من مجالات الخدمة النفسية المتنوعة، فمنها إرشاد الأطفال، وإرشاد المراهقين، وإرشاد ...